الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: قبل الرحيل

د. شريف عرفة يكتب: قبل الرحيل
16 أكتوبر 2020 01:55

من الضروري أن نتحلى بالمثابرة والإصرار تمسكاً بأهدافنا، لكن من الضروري أيضاً أن نستطيع التخلي عن أهداف أخرى حين يتطلب الأمر ذلك.. فالحياة تنطوي على فصول عديدة.. صفحات يأتي وقت تجاوزها لنستطيع المضي قدماً...
الترك والفقدان والتخلي أمور لا يمكن تجنبها، فالمرء يتخلى حتى عن شبابه، متقبلاً بياض شعره وتغير طاقته الجسدية وما تحتمه عليه مرحلته العمرية ووضعه الاجتماعي الجديد.. هذه سنة الحياة..
من الحكمة التخلي عما لا بد من تركه.. ومن الغفلة رفض تغيير جاء وقته.. كترك وظيفة طغت أعباؤها على كل جوانب الحياة ولم يعد التطور فيها ممكناً، أو ترك علاقة تُزعزع السلام النفسي ولم يعد ممكناً الاستمرار فيها.. تلك قرارات صعبة ومصيرية ومن الحكمة اتخاذها أحياناً.. لكن ينبغي الإقدام على ذلك بطريقة صحيحة.. وهي ألا تقرن سعادتك بحدوث هذا التغيير..
أو بمعنى آخر: كن سعيداً قبل أن تغادر، وليس بعد ذلك!
لماذا يعتبر هذا مهماً؟
تحت وطأة الضغوط النفسية، تزداد جاذبية قرار التخلي عن سبب هذه الضغوط.. وليس هكذا تتخذ القرارات العقلانية.. خفف الضغط أولاً، كي يصفى ذهنك وتستطيع التفكير بوضوح.. حاول إصلاح الأمر أولاً قبل أن تقرر الرحيل.. قم بحل المشكلة الزوجية أو تعقيدات العمل، كي تتضح الصورة، ولا تتخذ قراراً تحت وطأة المشكلة.. لا تجعل الرحيل شرطاً لسعادتك، لأن هذا يجعل اتخاذ القرار بدافع عاطفي شعوري، لا بدافع منطقي عقلاني.. قم بتحييد حالتك الشعورية عن طريق القيام بواجبك.. حل المشكلة.. كن سعيداً أولاً.. ثم قرر بعد ذلك.
لو وجدت أنك ما زلت مصراً على الرحيل، فعلى الأقل سترحل وعلاقتك جيدة بالآخرين.. لم ينتهِ الأمر بذكرى سيئة وعلاقة مضطربة، بل ونحن سعداء وكل شيء على ما يرام.. فتظل سيرتك طيبة في مكان عملك السابق، أو علاقتك متحضرة مع شريك حياتك السابق..
كن سعيداً قبل الرحيل.. لا بعده!
هناك بالطبع أمور لا ينطبق عليها هذا الكلام، لو كانت تسبب ضرراً مستمراً لا سبيل آخر لإيقافه، وهو ما يستدعي ضرورة الرحيل عنه فوراً.. 
وهناك ما يستحق الحفاظ عليه لأطول وقت ممكن..
قبل أن نرحل عنه.. أو يرحل عنا!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©