تحن إليك القصيدة يا حبيب، وأنت المعنى بالمعاني، وأسباب الدلالة في الثنيات وفي أحلام العشاق الذين أغدقوا وما استغرقوا وقتاً في ترتيب الكلمات على صهوة اللغة وما جاش في ضمير الشعر.
تحن إليك القصيدة وحلم تمشى على رموش الوعي يستدعي فينا الذاكرة كي تكتب أنت عن لوعتنا، وعن صولة الأقلام التي ما هجرت مدادها طالما في الوعي تسكن قصيدتك، وطالما في القصيدة تكمن المعاني ولغة أشبه بعيون امرأة كحلت بدمعة الفراق يوم سجيت القصيدة وأنت الشاهد، وأنت الواعد، وأنت المكائد، والمراهن على كلمة تكون أشد مضاضة من لمعة السيف ومن وهج النجوم الطالعات في سماء العشاق، والذين أعيتهم الشهقة حين كنت أنت في السديم تتابع آخر ما جرى على صفحات جريدتك التي أنت في أول صفحاتها خبر وفي آخرها شعر، وفي الحالتين أنت.. أنت الجذر، وأنت السبر، وأنت النهر، وأنت الوطر، وأنت الطور، وأنت الحبر، وأنت القرطاس والقلم.
تحن إليك القصيدة يا صديق، ويحن الرفاق إلى حبيب أحب، فأعطى، وبذل وأجزل، وتمادى في البوح شعراً، وتمادى شغفاً يلون البحر بأشواق النوارس، وأحداق حارسات الأمل.
تحن إليك القصيدة يا حبيب الشعر، يا صائغ القصيدة،  وأنت في طمأنينتك، ملهم مهم، مفعم بالحنين إلى من ودعتهم، ومن أدمعتهم، ومن أوجعتهم آخر شهقة، كانت صرخة، في الوجود، كانت، وكانت كما كنت أنت دائماً في الشغب الجميل، رفرفة على جفون الواقع، تمنحه الوهج، كما تمنحك التطور نسلاً في تلافيف الحياة، تمنحك التألق، والتدفق، والترقق، وأنت الجدول في حقل محبتنا، أنت المنجل في تربة وعينا، أنت الكناية والاستعارة، وأنت الأصل في الشعر وليس التشبيه، أو أنت اللغة دماً في عروق القصيدة، وأنت البداية في نسق الحداثة وفي ميلادها وتغريدتها، وهمسها، ونبسها، وسكبها، وسبكها، وجذلها، وبذلها، وشوقها، وتوقها، وصوتها، وصيتها، وعطرها ووطرها،
وطورها، ووترها، وشفعها، أنت يا حبيب الذي كنت في حضرة الشعر قصيدة تدوزن حلمها، وترتب ضفائرها، بمشط وعيك السابق لأوان المرحلة، وأنت في المسافة ما بين البيتين، قصيدة أخرى تتجلى في نصوعها وفي صناعتها، أنت.. أنت في الحاضر والماضي، والآتي، سمت الكلمات، وجذوة الضوء لمن سيأتون، ومن سينهلون، ومن سيرتلون، ما قيل في قصيدة حبيب، وما قاله في الشعر عن قصة قلب عشق الشعر كما تعشق الفراشات الوردة البرية، كما تسمو الأشجار بطيورها المعششة بين أغصانها.
تحن إليك القصيدة يا حبيب، كما نحن إلى حضورك الواسع في قلوبنا، وفي اتحادك.