تتوالى الأخبار المفرحة لحال الكتاب العربي، الذي يبدو وكأنه دخل في مواجهة حقيقية مع جائحة كورونا، عندما توقفت المئات من مشاريع النشر الورقي، وذهب كثيرون إلى الظن بأن مستقبل الكتاب أصبح (مهدداً) في عالمٍ تتغير أحداثه الاجتماعية والسياسية بسرعة جنونية لا تكاد تمنحُ للقارئ وللكاتب الفرصة لالتقاط الأنفاس والتأمل في المجريات، والخروج بكتابة فاحصة وعميقة لما يدور من حوله. كذلك تباشر آخرون بصعود الكتاب الإلكتروني، القادر ببساطة على الانتقال والتوزيع حول العالم بضغطة زر. لكن، وبعيداً عن تحليلات السوق، لا يزال الحنين إلى الكتاب الورقي يحتل مرتبة الصدارة، ولا تزال الكثرة الكاثرة من مدمني المعرفة، يتلهفون إلى عودة معارض الكتب باعتبارها حدثاً وعرساً ثقافياً ينبغي أن يظل مستمراً في حياتنا ووجودنا.
البشارة الأولى جاءت من الشارقة التي أعلنت عن حزمة معونات لدور النشر وصنّاع الكتاب لتجاوز أزمة كوفيد- 19، وبالتأكيد سوف يجد الناشر والقارئ والكاتب العربي المزيد من هذه الحزم الداعمة، خلال انعقاد معرض الشارقة الدولي للكتاب في نوفمبر المقبل. نظراً لما عُرف عن الشارقة من مبادرات نوعية تعزز من حركة النشر عربياً ومحلياً. أما البشارة الثانية، فكانت إعلان معرض أبوظبي الدولي للكتاب عن فتح باب المشاركة لدور النشر في دورته المقبلة. وبالتأكيد، سوف يحظى المعرض بالمبادرات التي تضمن نجاح المشاركين فيه، وهذه المؤشرات تبشر بعودة العافية إلى واحدة من أهم مناهل المعرفة في حياتنا الثقافية والعلمية.
أصدقاء كثر، أدباء وروائيون ومؤلفون من الإمارات، لم تقعدهم الجائحة، بقدر ما دفعتهم إلى الاشتغال على مشاريع كثيرة، بعضها جديد، وبعضها ظل مؤجلاً في الأدراج لسنوات، وآن وقت خروجه للعلن. وقد يُصدم المتابع حين يجد أن ما تم إنجازه في العام 2020 من كتب، قد يفوق في معدل إنتاجيته ما تم نشره في العام السابق. فنحن هنا أمام ظاهرة استثنائية، ربما تؤثر على صناعة الكتاب في دول كثيرة، لكن الإمارات بمبادراتها النوعية قادرة على إعادة التوازن إلى هذا المجال الأدبي والثقافي الحيوي والمهم.
لا تزال دول كثيرة تتخوف من المضي قدماً في إعادة افتتاح المناشط الثقافية الكبيرة، لكن الأمر مختلف هنا، حيث إن الإجراءات التي تم اتخاذها بسرعة، دفعت إلى تحريك عجلة الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وعودة العافية إلى معارض الكتب ستقود بالتأكيد إلى تقدم الإمارات بخطوات واسعة في الفضاء الثقافي والفكري والأدبي.