وأنت تقرأ، وأنت ترى، يصبح المشهد أمامك، وكأنك أمام عرض كرنفالي بهيج، تؤم المكان رقصة أشبه بالترتيل، وأغنية تطال عنان السماء، تشدو بها العاصمة أبوظبي بتناغم مع عالم أصبحت نوافذه مفتوحة على الفضاء، ويفيض بأحلام الطير، ورفرفة الأجنحة عندما يكون المطر مثل دقات الأصابع على الدف. 
اليوم عندما تقوم بجولة في الوطن، تجد السائح من كل حدب وصوب قد أم المدينة الزاهرة، وجال في المكان منتشياً بما تجود به المتاحف التاريخية والمتنزهات العريقة، والشواطئ الساهرة على إسعاد الناس، والمناطق الأثرية التي تستدعي التاريخ بأناة وهدوء، وتقرأ في التفاصيل، وما بين السطور، وتقدم شرحاً وافياً عن ذلك الإنسان الذي كان هنا في ذات يوم ثم رحل، ليدع المآثر تحكي قصة بطولات، وشهامة، ونجابة، كما سوف تجد أيضاً المرافق الترفيهية بمواصفات عالمية فذة، وأشجار القرم حارسة الأمل، ولا يخلو مكان في المدينة من نشاط ثقافي، بدءاً من الأمسيات، والمحاضرات، والمؤتمرات، والندوات، وعلى الرغم من ظروف الجائحة، إلا أن الجسد النابض بالحياة، والزاخر بالحب تزهو حلقاته بحراك مثير، وأثير يجعل من هذه المدينة قلباً يخصب الزمن بمزيد من الهفهفة، والتي تعمل على بث الفرح في النفوس، وبعث الحيوية في المزاج.
حضارة الأمم لا تقاس بما تحتضنه من قوة مادية بقدر ما يكون المعيار ثقافياً صرفاً. 
وتعيش الإمارات اليوم عصراً زاهياً بنشاط جيل شبابي يعمل على وضع مواهبه في خدمة الوطن، وازدهاره، الأمر الذي يجعل من الوميض الثقافي كما هو البارق اللامع الذي من خلاله يبرز الغيث، وتنعم الأرض بالبلل، وتنتعش خواطر الزرع بالسقيا.
الإمارات اليوم، وهي تسير في قوارع الزمن، كأنها الفراشة بين أكمام الزهور، كأنها المحيط في وعيه الوجودي، يدفع بسفن السفر باتجاه الأفق، هناك حيث المكانة، والرزانة، وهناك حيث يكمن الطموح، ويعلو كعب الأمنيات، وهناك حيث تستمر الأحداق متألقة، مشتاقة لأن يستمر الصباح من دون غشاوة، وتصعد الشمس المنيرة سلم الكون بجدارة طبيعتها، وقدرة جبلتها.
الإمارات وهي تتمشى على سجادة الفرح، تبدو في الحياة مثل الشجرة العملاقة، لا تؤرقها ريح، ولا يقلقها تبريح، لأنها اتخذت القرار الوجودي، بصرامة الشجعان، وحزم الفرسان، وسماء الله تحرسها، وتسدد خطاها.