في حين تسعى وسائل الإعلام لإيصال صوت الناس، وإبراز قضاياهم، وإثراء مخزونهم التوعوي والفكري خلال أزمة كورونا وغيرها، لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي حافلةً بالمعوقات والأفكار السلبية، وبالتالي لابد من علاج داء «الاعتداء» الإلكتروني المقتحم للحرية الشخصية، والذي يسهم بشكل مباشر -إذا ما أُسيء استخدامه- في انتشار الجرائم الإلكترونية وعلو خطاب الكراهية، والترويج للعنف والإرهاب. 
وقد عانت المجتمعات خلال فترة الحجر المنزلي من «لاأخلاقية» مستثمري الأزمات، المتمثلة بالجماعات المتطرفة والتي تقوم باستغلال الفرص كلما سنحت لها الفرصة، وهذا ما يتنافى بشكل قطعي مع صون روح المسؤولية ضمن الإطار الناظم للحريات. وهنا لابد من توجيه وسائل الإعلام بأنواعها (المرئي منها والمسموع والمقروء)، لأداء واجباتها في حالات الطوارئ، وإيجاد ميثاق خاص لهذه الفترات، يحمل ما يلزمه من إجراءات استثنائية تساعد المجتمعات والدول على الخروج من البؤرة الحرجة للأوبئة أو الحروب أو الكوارث الطبيعية أو غيرها. 
وقد تم خلال هذه الفترة بث محتوى صادم سيكولوجياً للأفراد، مشتملاً على عدد لا محدود من رسائل خطاب الكراهية الموجه إما بشكل مقصود وممنهج أو بعفوية غير مقصودة، فتداوله الناس دون انتباه لخطورته. وهنا يأتي دور الصحفي والإعلامي، مشكِّلاً «صمام أمان المعلومات» المتدفقة، لغربلتها من الأفكار والأيديولوجيات الفاسدة. ذلك أن المنبر الإعلامي هو مرآة للرأي العام، ويد يمنى في إيصال القيم الأخلاقية والتربوية والتوعية، ناهيك عن وظيفته الجوهرية المتمثلة ببناء ثقافة المجتمعات، بحيث لا يتعارض مع ما أقرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حول حفظ حرية التعبير للإعلاميين، عبر بندها القائل بـ«ضرورة الالتزام بحق المواطن والصحفي بنشر آرائه من دون أي عوائق، وأن مبدأ حرية التعبير لا يتعارض مع منع بث أو نشر مواد تحرض أو تعمم أو تبرر على الكراهية المستندة إلى التعصب بكافة أشكاله، كالعنصرية والإساءة المباشرة والتحريض على القتل والإيذاء».
وبالنظر لوسائل الإعلام ك«شريك ألماسي» في البناء الثقافي وإغناء المخزون الفكري والتوعوي، فإنه من الضروري توفير المادة الإعلامية الدافعة لتوفير الدعم النفسي المطلوب لأفراد المجتمعات لتخفيف التوتر وتقليل «الرعب النفسي» الذي صاحب تداعيات أزمة كورونا، والذي كانت بعض وسائل الإعلام إحدى أسباب تضخيمه. وقد ظهر ذلك جلياً بعد ما استقبل العالم عدة صور وفيديوهات لردود فعل أشخاص متأزمين نفسياً جراء جائحة كورونا، بل إن هناك وزيراً أقدم على الانتحار في ولاية ألمانية بسبب ضغوط نفسية قد تكون لهذا الفيروس الجزء الأكبر فيها، إضافةً لانتحار ممرضة إيطالية تعرضت لتوتر شديد بفعل «كوفيد- 19». 
إن تلك العوامل مجتمعةً تدعو للبحث في أسس بناء الصحافة والإعلام، والعمل على إعادة صياغة أولويات الجمهور وصناع الأجندات الإعلامية، والعودة للمبادئ الأخلاقية الأساسية للمهنة الإعلامية، وتحقيق دورها الفاعل في دعم وحماية حق المجتمع بالمعرفة الخالية من التعقيد والتشويه، والعمل على الرفع من مستوى جودة المحتوى والأداء الإعلاميين، والخروج باستراتيجية تنتج هيئة رقابة فاعلة تعمل على قياس مدى التزام وسائل الإعلام بتطبيق أدوات التنظيم الذاتي، كميثاق الشرف الصحفي، ومدونات السلوك المهني والأخلاقي، والالتزام بالقواعد المهنية والمبادئ الأخلاقية.
إن تداعيات أزمة كورونا على الصعيد الإعلامي، أنتجت نموذجاً جديداً على المستوى الوظيفي، ونبّهت لضرورة مضاعفة الاهتمام بالمنصات المتخصصة بالكشف عن الأخبار الكاذبة أو المضللة الهادفة لتشويه وتغيير الحقائق وإبدالها بأداء مؤسساتي كفؤ يحسن إدارة الأزمات والتعامل مع المعلومات ومصادرها في شتى القضايا، وبخاصة التي يمتد أثرها على المستوى العالمي، ولذا فلا بد من معالجتها بإيجاد مرجعيات إعلامية مستقلة تدفع بتطوير معايير المصداقية وجودة المعلومات الصحافية داعمةً لذلك من خلال تقارير منظمة ومؤثرة، مما يعني صحافة ملتزمة بممارستها المهنية، تحت إشراف ومساءلة ترتكز على الأسس العلمية، بحيث لا تخل بأساساتها وقيمها.