بعض الصحف العالمية قامت بمحاولة تستحق الاهتمام، وهي رصد أمزجة الناس في الشارع خلال جائحة كورونا، لتخرج بنتيجة خلاصتها أن الكثير من الناس لم يعودوا يتمتعون بذلك الهدوء الذي كان السمة الغالبة، لمن هم في منتصف العمر (بين الأربعين والخمسين أوروبياً)، وأن قائمة المشادات الكلامية والمشاجرات، التي تنتهي إلى الاشتباك بالأيدي هي في ازدياد، والظاهرة المستجدة هذه سبّبتها جائحة كورونا والرهاب الذي خلّفته في النفوس، إذ أصبح مألوفاً سماع أن عائلة فقدت أحد أفرادها، أو أن شخصاً فقد عزيزاً عليه من أصدقائه أو زملائه، إن ظواهر كهذه كانت متوقعة، فالناس قبل جائحة «كوفيد-19» ليسوا كما هم بعدها لجهة المزاج والهدوء وطول النَفَس في المناقشة، أياً كانت طبيعة الموضوع وأهميته، وحتى لجهة القيم.
لكن تبقى مسألة كهذه في نهاية المطاف نسبية، وتختلف من مجتمع إلى آخر، وتتداخل فيها عوامل عدّة من بينها التعليم والوعي والثقافة والبيئة العامة، وكذلك الجانب الروحي الذي تظهر أهميته في الظروف الصعبة وغير العادية، هنالك شعور طاغٍ لدى كثيرين بأن الانتصار على فيروس كورونا وعلى رهابه أمر ممكن، وأن مرحلة التعافي منه قريبة حتماً، وأن استعادة الثقة بالمناعة الصحية لدى الفرد والمجتمع، بدأت طلائعها تتجلى في ثنايا الأخبار السارة التي تطالعنا يوماً بعد آخر، وأن القدرة على المقاومة تلك، والتي أضعفتها هواجس الشهور الخمس الأولى لهذا العام، بدأت تعود نسائمها إلى أبداننا لتثبّت أركان النفس، وأن هذا الفيروس الشرس في انتشاره -ورغم جولاته المتجددة- ربما صار إلى انحسار لصالح الإنسان، ولا بد في النهاية أن تنتصر الحياة، وهذا ما حدث في اليومين الأخيرين وأسعد الناس في الإمارات: الأول خبر والثاني مشهد، توجا فترة الانتظار التي عاشها الجميع، موطنون ومقيمون: أما الخبر فهو «إجازة استخدام طارئ للقاح الإماراتي الصيني على الطواقم الطبية»، بعدما ثبتت نتائجه الإيجابية في المرحلة الثالثة والأخيرة التي خضع فيها للتجربة نحو 15 ألف متطوّع من 100 جنسية في شهري يوليو وأغسطس الماضيين، وأما المشهد فصورة نشرتها «الاتحاد» لوزير الصحة عبد الرحمن العويس، يأخذ جرعة من اللقاح، والتزامن مع هذا كانت هدية الإمارات لطواقمها الطبية، لقاء مجهوداتهم الجبارة، والتي تمثلت في منح دراسية لأبنائهم حتى نهاية المرحلة الثانوية. مقطع القول: الإمارات.. شكراً.