يمر العالم العربي خلال الأعوام الأخيرة بفترة من أخطر وأصعب الفترات التي شهدتها الدول العربية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. فالصراعات المسلحة في سوريا منذ عام 2011 ما زالت مستمرة، بل وأصبحت الدولة هناك مقسمة بين الحكومة في دمشق، والتي تسيطر على غالبية الأراضي السورية، وبين فصائل المعارضة السورية، بكافة أطيافها وجماعاتها، في ظل تواجد عسكري دائم من روسيا وتركيا وإيران. والوضع لا يختلف في ليبيا التي تشهد أيضاً صراعات داخلية مسلحة، وفي اليمن يسعى التحالف العربي لاستعادة الشرعية وتحرير كامل التراب اليمني من سيطرة جماعة «الحوثي» المدعومة من إيران. كما ما زال خطر الجماعات الإرهابية يحيق بالعديد من الدول العربية، إضافة إلى الخطر الذي تمثله التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية. وتجري كافة تلك الأحداث وسط ضعف في دور جامعة الدول العربية، التي لم تستطع توحيد الصف والرؤية العربية إزاء كافة المخاطر التي تهدد أمن واستقرار الشعوب العربية، مما يلقي بظلاله على مستقبل تلك الشعوب. 
ولكن وسط هذا الزخم من الضعف والفرقة العربية، يبزغ التعاون والتقارب الإماراتي – السعودي، والذي يعكس أفضل نماذج التحالف بين الدول العربية، والقائم على توحيد الرؤية المشتركة بين القيادتين في أبوظبي والرياض تجاه كافة المخاطر التي تهدد شعبيّ الدولتين وتؤثر على حاضرهما ومستقبل أجيالهما. ويأتي هذا التوجه إيماناً من قيادة الدولتين بالدور الحيوي الذي تقوم به كل دولة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية والثقافية، مما جعل من أبوظبي والرياض ضمن أهم ركائز النظام الدولي. أضف إلى ذلك الرمزية الدينية المهمة التي تمثلها المملكة العربية السعودية بين الشعوب الإسلامية في العالم، باحتضانها ورعايتها للمقدسات الإسلامية.
ولذلك، فإن الرؤية الإماراتية - السعودية المشتركة، والتي تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتاريخ المشترك، قد ساهمت بقوة في توحيد السياسات والبرامج والمشاريع بين الدولتين، الأمر الذي يعود بالفائدة الكبيرة المباشرة والكبيرة على المواطن الإماراتي والسعودي. ولذلك نلحظ أنه خلال العقد الأخير، بذلت الدولتان جهداً مضاعفاً في سبيل توطيد مجالات التعاون بينهما، وترسيخ التكامل في مختلف المجالات، استناداً إلى استراتيجية التنسيق والتحاور حول كافة القضايا والموضوعات التي تهم البلدان. ففي عام 2014 تم تشكيل «اللجنة العليا المشتركة»، والتي تتولى تنفيذ الرؤى الاستراتيجية لقيادتي الدولتين لتدعيم العلاقات الثنائية، ضمن إطار قوي متماسك من الناحية التنظيمية والتشريعية، الأمر الذي يعود بالخير على المواطن الإماراتي والسعودي بشكل خاص، وعلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل عام. ثم تلا ذلك في عام 2016، الإعلان عن تأسيس «مجلس التنسيق السعودي الإماراتي»، والذي يستهدف تحقيق الرؤية المشتركة بين البلدين، وترسيخ مكانتيهما في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية. ‬ثم ‬أعلنت ‬الدولتان ‬عام ‬2018 ‬عن ‬تدشين (‬استراتيجية ‬العزم)‬، ‬التي ‬تهدف ‬إلى ‬تحقيق ‬التكامل ‬التنموي ‬والاقتصادي ‬والسياسي ‬والعسكري ‬بين ‬أبوظبي ‬والرياض، ‬وذلك ‬من ‬خلال ‬تنفيذ ‬عشرات ‬المشاريع ‬المهمة ‬والاستراتيجية، ‬في ‬ترجمة ‬عملية ‬وواقعية ‬لمخرجات ‬«اللجنة ‬العليا ‬المشتركة» ‬و«مجلس ‬التنسيق ‬السعودي ‬الإماراتي»، ‬بما ‬يساهم ‬في ‬تحقيق ‬رفاهية ‬وأمن ‬واستقرار ‬الشعبين.

وتأتي احتفالات دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام، بمناسبة اليوم الوطني الـ90 للشقيقة المملكة العربية السعودية تحت شعار (معاً أبداً)، كأبرز تجسيد لمدى عمق الأواصر الأخوية بين البلدين، وتعزيز التلاحم والتعاون بين القيادتين والشعبين. فالقيادة في الدولتين استطاعت، في زمن قياسي، أن تضع الأسس الراسخة لوحدة ستظل شامخة، شعارها العمل يداً يبد لتحقيق المزيد من التقدم والرخاء والاستقرار للشعبين، حاضراً ومستقبلاً.
*باحث إماراتي