بعد أسبوع من حريق دمر أكبر مخيم للمهاجرين في أوروبا، في جزيرة ليسبوس اليونانية، عرضت دول قليلة استقبال 12,500 شخص أصبحوا بلا مأوى، وبينما أقامت الحكومة اليونانية بسرعة مخيماً مؤقتاً، يخشى المهاجرون وعمال الإغاثة من مواجهة نفس الظروف المزرية التي ترمز إلى تعامل القارة مع أزمة المهاجرين.
يقع المخيم الجديد في نطاق تدريب عسكري تم تحويله، ويتكون من مئات الخيام البيضاء مرتبة في صفوف على التراب. يجب على الأشخاص الذين ينتقلون إليه الخضوع للإغلاق الفوري بسبب فيروس كورونا.
وكتب المسؤولون اليونانيون في رسالة وزعت على المهاجرين الذين كانوا ينامون على جانب الطرق أو في مواقف سيارات «السوبر ماركت» منذ حريق 9 سبتمبر، «مركز الإقامة المؤقت جاهز. برجاء المتابعة على الفور».
وقالت فاطمة رضائي، 15 سنة، من أفغانستان إن عائلتها قررت التسجيل في المخيم الجديد بعد قضاء سبعة أيام في العراء مع القليل من الطعام. في نهاية تلك الفترة، وجدت ديدانا تزحف في شعرها وأخبرت والدها، وهي تبكي، بأنها مستعدة لأي شيء سوى التشرد.
وقالت إن المخيم الجديد «أفضل» من سابقه، المعروف باسم «موريا»، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن قلة من الناس انتقلوا إليه حتى الآن. لكن دورات المياه، كما قالت، كانت متسخة بالفعل. ونظرا لعدم وجود مياه جارية -يقول المسؤولون اليونانيون إنهم يحاولون الحصول عليها في غضون أيام -لم تستحم منذ الحريق.
تقول السلطات إن عدداً قليلاً من السكان الذين كانوا يحتجون على قيود فيروس كورونا أشعلوا النار في «موريا». ويخضع المخيم لحجر صحي جماعي منذ أن ثبتت إصابة 35 مهاجرا بالفيروس. ذكرت وكالة «أسوشيتيد برس» يوم الأربعا الماضي أن أربعة أشخاص وجهت إليهم تهمة الحرق العمد.
في غضون ذلك، فقدت السلطات تتبعها لبعض الحالات المؤكدة سابقا بالفيروس. ومن بين أول 1000 شخص تم فحصهم لدخول مخيم الخيام الجديد، تبين أن 39 شخصا ثبتت إصابتهم بالفيروس، وفقا ل «باناجيوتيس أركومانيس»، رئيس مجلس إدارة منظمة الصحة العامة الوطنية في اليونان.
حتى الآن، وافق 1,200 شخص على الانتقال، وفقا للأرقام الرسمية. ويحذر مسؤولون يونانيون من أنه يجب على طالبي اللجوء التسجيل في المخيم لمواصلة جلسات الاستماع الخاصة بهم للحصول على الوضع القانوني. وقال وزير الهجرة «نوتيس ميتاراشي» يوم الثلاثاء في مقابلة تلفزيونية إنه «سيتعين الاستعانة بالشرطة» إذا لم يذهب الناس إلى المخيم الجديد طواعية.

مسؤولون يونانيون يرون أن الخيام حل مؤقت. لقد وضعوا خططا لإقامة منشأة داخلية دائمة في الجزيرة. وأكد رئيس الوزراء «كيرياكوس ميتسوتاكيس» أنه سيتم بناء منشأة دائمة جديدة. وقال «أريد أن أرسل هذه الرسالة في كل الاتجاهات».
لكن السكان المحليين يحتجون بالفعل. وقبل خمس سنوات، وفي ذروة أزمة المهاجرين، استجاب الكثيرون في ليسبوس بحرارة لتزايد أعداد الوافدين بالقوارب. لكن السكان المحليين استاؤوا من السلطات في أثينا وأوروبا التي سمحت للسكان المهاجرين في جزيرتهم بالتكاثر في الحجم، وهم يعارضون بشدة بناء أي منشأة طويلة الأجل.
لكن بالنسبة للعديد من المهاجرين، فإن فكرة الانتقال إلى منشأة تم بناؤها على عجل -والخضوع للإغلاق إلى أجل غير مسمى -هي فكرة شاقة. وقال أحد المهاجرين، إن المخيم الجديد سيكون «مثل السجن».
حتى قبل أن يضرب فيروس كورونا مخيم موريا، كانت التوترات متزايدة. غالبا ما كان المهاجرون عالقين في المخيم لأكثر من عام. كان المرفق مكتظا بأكثر من أربعة أضعاف سعته. وكان الناس في المخيم ينتظرون في طوابير متعددة الساعات لكل وجبة. وفي الشتاء، كان الأطفال يرتجفون من البرد، وحاربوا تفشي الجرب، وأصيبوا بسعال شديد كالذي يصاب به كبار السن.
عندما بدأ اختبار الأشخاص الأوائل لفيروس كورونا، أشار عمال الإغاثة إلى أن مكان إقامة المخيم كان عمليا بلا حماية، نظرًا للاكتظاظ.

شيكو هارلان* وإليندا لابروبولو**
*رئيس مكتب روما في «واشنطن بوست»
**صحفية ومذيعة ومستشارة في الشؤون اليونانية لوسائل الإعلام الدولية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»