الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الأعشاب المحلية.. «رائحة الأصالة»

الأعشاب المحلية.. «رائحة الأصالة»
18 سبتمبر 2020 00:13

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

تجيد مريم أحمد النقبي، وحليمة أحمد سيف، استخدام المساحيق المستخلصة من الأعشاب المحلية، وتحويلها إلى ألوان زاهية لصبغ الملابس، وإضفاء لمسة جمالية عليها، كأنها تستعيد الحياة، مما يؤكد مهارة الجدّات، وحرصهن على حماية هذا الموروث الطبيعي، الذي يؤكد أن الإنسان له القدرة على تطويع الطبيعة واستثمار ما تجود به من خيرات. صبغ الملابس مهنة تراثية متأصلة عند أهل الخليج قديماً، وهي من المهن التي ارتبطت بالمرأة، التي كانت تبحث عن هذه المكونات في الطبيعة، لتجعل الجمال في كل ما يحيط بها، حيث كانت تستخرج بعض هذه المكونات من البيئة المحلية، بالإضافة إلى الأخرى التي يتم جلبها من الهند، واستغلت المرأة الإماراتية ما تجود به مزرعتها، أو أماكن الرعي، أو توابل مطبخها، لتحول هذه المكونات إلى مساحيق بألوان، لها القدرة على تلوين الملابس ومنحها الجمال، ومن ثم إضفاء البهجة على حياتها وحياة من يحيطون بها.

مريم أحمد النقبي، تعمل في حرفة صبغ الملابس منذ أكثر من 22 عاماً، وهي التي تحرص على حفظ هذا الموروث، من خلال متحفها الذي تتشارك فيه مع زوجها، وجمعا مقتنياته القديمة بكل حب، كما تحرص على تقديم هذه الحرفة في حلتها الزاهية، والتي تشد زوار المعارض والمهرجانات التراثية.
وقالت: إنها ورثت هذه المهنة من جداتها، وحافظت عليها لتسلم الأمانة لهذا الجيل، لتبقى حية طوال الوقت، موضحة أنها تعلمت صبغ الملابس بالطريقة التقليدية، بمكونات من الطبيعة، مثل القرمز، وشجر اللوز (البيذام) والرمان، والورس، وورق الحناء  واللومي، وورق الزيتون، والحناء، والكركم، والنيل، والزعفران.

تطويع الطبيعة
ونجحت المرأة الإماراتية في تطويع الطبيعة والاستفادة من مكوناتها، حيث كانت تجمع بعض الأعشاب المتوافرة في البيئة المحلية، وتعمل على تجفيفها، وطحنها، وطبخها، وصبغ الملابس بالماء الملون الناتج عنها، وأوضحت مريم النقبي أنها كانت تسمع من والدتها أن النساء قديماً كنّ يجمعن «القرمز» (حبيبات صغيرة ملتصقة ببعضها توجد على أغصان الشجر)، وكان يستورد من الهند لتلوين الملابس باللون القرمزي ودرجاته.

صنع الجمال
مازالت مريم النقبي تحرص على تقديم هذا الموروث الشعبي، الذي يلهم المتتبع ويأخذه في رحلة إلى الماضي، ليقف على مناحي الحياة الاجتماعية لهؤلاء الناس، وكيف استطاعوا البحث عن مكامن الجمال في الطبيعة، وكيف منحوا الحياة ألواناً مبهجة، بصبغ ملابسهم البيضاء وجعلها أكثر إشراقاً وبهجة، لتتحول الكنادير البيضاء إلى أخرى بمختلف الألوان، ولا تقتصر مهارة المرأة على صبغ الملابس من أجل الحاجة للون، بل كانت تبحث عن الجمال والبهجة، حيث كانت تصبغ ملابس العريس بالورس الذي يضفي عليه اللون والرائحة الزكية الفواحة.

مهارة
وتعددت استخدامات الأعشاب الطبيعية المستوردة والمحلية من المطبخ إلى الدواء، وصولاً إلى الأصباغ، فلم يكن صبغ الملابس مجرد حاجة، بقدر ما كان عبارة عن إبداع ومهارة وبحث عن الجمال، حيث قالت حليمة أحمد سيف: إن بعض الأعشاب المستخدمة في صبغ الملابس، كان يتم استيرادها من الهند، كالكركم وغيره الذي يتم دقه في المنحاز ونخله وطبخه، موضحة هذه العملية بقولها: نأخذ الكركم والبيذام والقرمز، ورق الزيتون وأعواد السمر، والقسط الهندي وجوز الهند، وورق البيذام والزيتون والياس والرمان والجاوي واللومي، ونعمل على تجفيفه، ثم ندقه، أو نطحنه في المنحاز أو الرحى، ثم ننخله، ونضع نوعاً واحداً منه ولا نخلط الألوان، في قدر على نار من حطب، ويغلى جيداً، ثم نقوم بتصفيته للمرة الثانية لإزالة الشوائب، ويشرف على هذه العملية خبير متمكن، حيث يجرب اللون على القطعة أكثر من مرة، حتى تكون النتيجة مرضية، ليحصل على ألوان بدرجات مختلفة، ونزيد مسحوق العشبة، أو نخففها، للحصول على درجات لون فاتحة أو غامقة، وبعد تجهيز قطعة القماش، يتم استخراجها ووضعها في الماء البارد، ولتعطي نتيجة جيدة، يقوم بنشرها على حبل في الظل حتى تجف، ولا يعرضها لأشعة الشمس المباشرة، بحيث يؤثر ذلك على درجة اللون وجودته، وخلال اليوم الثاني يلفونها، ويضعونها تحت الفراش أو المخدة لتستقيم، وتكون جاهزة للتفصيل والخياطة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©