منذ أكثر من 18 عاماً وعجلة الحوار العربية الإسرائيلية متوقفة. الإسرائيليون يعالجون ملفاتهم مع الفلسطينيين بمعزل عن أية ضغوط عربية، والفلسطينيون، في المقابل، ضائعون بين خلافات «فتح» و«حماس» الداخلية التي لا يبدو أن أياً منهما يريد إيجاد حلول ناجعة لها. 18 عاماً لم يحظ فيها الفلسطينيون بدعم مفاوض عربي قوي يجلس مع الإسرائيليين ممثلاً لحقوقهم، ولم يستطع قادة «فتح» و«حماس» أن يبنوا منظومة سياسية واحدة، تكون نواة لدولة واحدة، تصنع الضلع الأول في «حل الدولتين». ربما كانت هناك بعض الاختراقات الصغيرة في هذا البلد أو ذاك. ربما التقى مسؤول عربي بآخر إسرائيلي على هامش قمة دولية أو تجمع أممي، لكن بشكل عام لم تتحرك خطط السلام العربية - الإسرائيلية سنتيمتراً واحداً، منذ تعثر مبادرة السلام العربية التي أطلقها القادة العرب في قمتهم المنعقدة في بيروت عام 2002.
وللخروج من هذا الانسداد الطويل، كان لابد من تحريك الساكن. كان لابد من قرار شجاع يُنهي حالة الهزيمة المستمرة. كان لابد من اختراق كبير يخرج المنطقة من حالة الـ «لا حل». كان لابد من بناء سماء جديدة للسلام تظلل تحتها مواطني الشرق الأوسط، الذين لم ينعموا بالسلام منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. 
للخروج من هذا الانسداد الطويل، كان لابد من الإمارات والبحرين. كان لابد من دول شجاعة تغير في معادلة الحرب والسلام التي لم تتغير منذ سنوات. كان لابد من دول تتحمل المسؤولية بكل ما فيها من أعباء.
أدرك الإماراتيون، من خلال علاقاتهم المتوازنة عربياً ودولياً، أن القضية الفلسطينية ستدخل في عالم النسيان في القريب العاجل، إن لم يتدخلوا لبعثها من جديد، وعرفوا ببعد نظرهم أن القيادة الفلسطينية الحالية، بشقيها «الفتحاوي» و«الحماسي»، بحاجة إلى دولة وازنة تعيدهم من جديد إلى المسار الصحيح في الطريق إلى بناء دولة فلسطينية ذات وجود معترف به دولياً. وقبل هذا وذاك، كانوا متأكدين أن إرجاء تدخلهم لحين الوصول إلى اتفاق عربي مشترك حول التطبيع أو عدم التطبيع، هو - في هذه المرحلة المفصلية - أشبه بانتظار «ما لا يجيء». 

الإمارات اليوم، بجانب البحرين، تمثلان المربع الأول من المبادرة العربية للسلام، خصوصاً أنهما متحللتان من أية ضغوط جيوسياسية، فلا حدود مشتركة لهما مع إسرائيل، ولا علاقات سياسية أو اقتصادية أو تجارية أو ثقافية أو اجتماعية سابقة لهما مع إسرائيل. وإذا كانت المبادرة العربية لم تنجح بوجود التكتل العربي الواحد، فإنها قد تنجح بتفكيك مكوناتها العربية إلى أجزاء أصغر، على أن يكون لكل واحد منها مسار مختلف ومطالب مختلفة في عمليات التطبيع مع إسرائيل.
الإمارات والبحرين أخذتا على عاتقيهما مسؤولية إطلاق حَمامات السلام في المنطقة، لكن يبقى على الفلسطينيين أن يراجعوا حساباتهم، ويبتعدوا عن الشعارات المفرّغة. عليهم أن يعرفوا من يسعى لحل قضيتهم، ومن يزايد عليها!
*كاتب سعودي