بعد مرور أكثر من ستة شهور على وسم منظمة الصحة العالمية وباء كورونا الحالي، بصفة الطارئ الصحي العالمي، وبعد أن شهدت معدلات الإصابة تراجعاً نسبياً خلال الشهور القليلة الماضية، عاد الفيروس لينتشر مرة أخرى بسرعة متزايدة في شكل موجة ثانية، حتى في الدول التي استطاعت سابقاً كبح جماحه، ففي الثالث عشر من الشهر الجاري، أعلنت منظمة الصحة عن أعلى معدل إصابات في يوم واحد على الإطلاق، وهو 308 آلاف خلال 24 ساعة.
وفي خضم هذه الموجة الثانية، احتلت بعض الدول موقعاً خاصاً على صعيد تسارع معدلات العدوى بين سكانها، على رأس قائمة هذه الدول الهند، والتي تبلغ معدلات الإصابة اليومية فيها حالياً 100 ألف، لتصبح بذلك في المرتبة الثانية بإجمالي عدد الإصابات بين دول العالم قاطبة، ولا يسبقها على هذه القائمة سوى الولايات المتحدة.
أما في دول أميركا اللاتينية، فاحتلت البرازيل المرتبة الأولى على صعيد الوفيات (130 ألف وفاة)، مع إجمالي عدد إصابات يزيد على 4 ملايين، مما يضعها في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والهند، كما أن الأرجنتين تشهد هي الأخرى تزايداً مطرداً في عدد الإصابات، ليبلغ نصف مليون إصابة.
وعادت الدول الأوربية خلال الأسابيع الأخيرة لمنطقة الخطر، بعد أن كانت قد تحملت العبء الأكبر للوفيات من الوباء في بداياته خلال فصل الربيع، حيث تظهر الإحصائيات اليومية تزايد معدلات الإصابة يوماً بعد يوم، خصوصاً بين فئة الشباب والمراهقين، وهو ما يشكل خطراً خاصاً، حيث يمكن لأفراد هذه الفئة العمرية نقل العدوى إلى كبار السن، وهي الفئة العمرية الأخرى الأكثر ضعفاً أمام الوباء، إذ حصد بالفعل أعداداً كبيرة من أفرادها.
وتظل منطقة الشرق الأوسط من مناطق الانتشار المنخفض نسبياً للفيروس مقارنةً بباقي دول العالم، وإن كانت إيران قد سجلت حتى الآن 23 ألف وفاة حسب الإحصائيات الرسمية، والتي يرى البعض أنها غير دقيقة، وأن الوفيات الفعلية هي ضعف هذا الرقم، أما في أفريقيا، والتي سجلت أكثر من مليون حالة إصابة حتى الآن، فلا زالت نسبة الوفيات لمعدل الإصابات منخفضة نسبياً، دون أن يكون هناك سبب واضح لذلك، ومن بين الدول الأفريقية، سجلت كل من مصر وجنوب أفريقيا أعلى معدلات للإصابات، وهو ما قد يعود إلى ارتفاع معدلات الفحوصات في هاتين الدولتين، مقارنةً بالدول الأفريقية الأخرى.
وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الموجة العالمية الثانية من الوباء ستكون أخف، أم أشد وطأة وفداحة من الموجة الأولى، وإن كان المؤكد أن فيروس «كوفيد-19» ليس بصدد الاختفاء قريباً، وحتى الآمال المعلقة على تطوير وتصنيع وتوزيع تطعيم فعال وآمن، بحلول الصيف القادم، لن تقضي تماماً على الفيروس، وإنما قد تنجح فقط في الحد من انتشاره، وفي أن تخفف من فداحة ثمنه الإنساني والاجتماعي والاقتصادي.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية


د. أكمل عبد الحكيم*
 
تظل منطقة الشرق الأوسط من مناطق الانتشار المنخفض نسبياً لكورونا، وإن سجلت إيران حتى الآن 23 ألف وفاة
---------------------------------------
بعد مرور أكثر من ستة شهور على وسم منظمة الصحة العالمية وباء كورونا الحالي، بصفة الطارئ الصحي العالمي، وبعد أن شهدت معدلات الإصابة تراجعاً نسبياً خلال الشهور القليلة الماضية، عاد الفيروس لينتشر مرة أخرى بسرعة متزايدة في شكل موجة ثانية، حتى في الدول التي استطاعت سابقاً كبح جماحه، ففي الثالث عشر من الشهر الجاري، أعلنت منظمة الصحة عن أعلى معدل إصابات في يوم واحد على الإطلاق، وهو 308 آلاف خلال 24 ساعة.
وفي خضم هذه الموجة الثانية، احتلت بعض الدول موقعاً خاصاً على صعيد تسارع معدلات العدوى بين سكانها، على رأس قائمة هذه الدول الهند، والتي تبلغ معدلات الإصابة اليومية فيها حالياً 100 ألف، لتصبح بذلك في المرتبة الثانية بإجمالي عدد الإصابات بين دول العالم قاطبة، ولا يسبقها على هذه القائمة سوى الولايات المتحدة.
أما في دول أميركا اللاتينية، فاحتلت البرازيل المرتبة الأولى على صعيد الوفيات (130 ألف وفاة)، مع إجمالي عدد إصابات يزيد على 4 ملايين، مما يضعها في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والهند، كما أن الأرجنتين تشهد هي الأخرى تزايداً مطرداً في عدد الإصابات، ليبلغ نصف مليون إصابة.
وعادت الدول الأوربية خلال الأسابيع الأخيرة لمنطقة الخطر، بعد أن كانت قد تحملت العبء الأكبر للوفيات من الوباء في بداياته خلال فصل الربيع، حيث تظهر الإحصائيات اليومية تزايد معدلات الإصابة يوماً بعد يوم، خصوصاً بين فئة الشباب والمراهقين، وهو ما يشكل خطراً خاصاً، حيث يمكن لأفراد هذه الفئة العمرية نقل العدوى إلى كبار السن، وهي الفئة العمرية الأخرى الأكثر ضعفاً أمام الوباء، إذ حصد بالفعل أعداداً كبيرة من أفرادها.
وتظل منطقة الشرق الأوسط من مناطق الانتشار المنخفض نسبياً للفيروس مقارنةً بباقي دول العالم، وإن كانت إيران قد سجلت حتى الآن 23 ألف وفاة حسب الإحصائيات الرسمية، والتي يرى البعض أنها غير دقيقة، وأن الوفيات الفعلية هي ضعف هذا الرقم، أما في أفريقيا، والتي سجلت أكثر من مليون حالة إصابة حتى الآن، فلا زالت نسبة الوفيات لمعدل الإصابات منخفضة نسبياً، دون أن يكون هناك سبب واضح لذلك، ومن بين الدول الأفريقية، سجلت كل من مصر وجنوب أفريقيا أعلى معدلات للإصابات، وهو ما قد يعود إلى ارتفاع معدلات الفحوصات في هاتين الدولتين، مقارنةً بالدول الأفريقية الأخرى.
وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه الموجة العالمية الثانية من الوباء ستكون أخف، أم أشد وطأة وفداحة من الموجة الأولى، وإن كان المؤكد أن فيروس «كوفيد-19» ليس بصدد الاختفاء قريباً، وحتى الآمال المعلقة على تطوير وتصنيع وتوزيع تطعيم فعال وآمن، بحلول الصيف القادم، لن تقضي تماماً على الفيروس، وإنما قد تنجح فقط في الحد من انتشاره، وفي أن تخفف من فداحة ثمنه الإنساني والاجتماعي والاقتصادي.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية