منذ أن تأسّست دولة الإمارات العربية المتحدة، عملت مؤسساتها المعنية، بتوجيهات القيادة الرشيدة، على دعم الشباب وتمكينهم ومدّهم بكل الأدوات اللازمة لتنمية مهاراتهم ومعارفهم وخبراتهم، وذلك في سياق الرؤية الطموحة في أن يصبحوا أعضاء فاعلين ومؤثرين في عملية التنمية المنشودة، التي يتمُّ السعي من خلالها إلى الوصول إلى مستقبل مُستدام يسوده الاستقرار والأمن والرفاه والطمأنينة.
ويأتي توقيع معاهدة السلام الإماراتية-الإسرائيلية، بوصفه خطوة رائدة تُؤصّل لتحقيق كل تلك المستهدفات، فمن خلال توفير كل الضمانات اللازمة لتعزيز مقومات الاستقرار والأمن والازدهار، يصبح الشباب قادرين على التعلّم والعمل بطاقات جبّارة، وفي كل المجالات، وقد قال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في تغريدة على حساب سموه الرسمي على «تويتر»: «التوقيع على معاهدة السلام بين الإمارات والبحرين وإسرائيل في البيت الأبيض يفتح صفحة جديدة في المنطقة، عنوانها الازدهار والتقدم والتنمية والمستقبل الزاهر للشباب».
وفي هذا السياق، يُعوّل على معاهدة السلام بين دولة الإمارات ودولة إسرائيل، التي تشدّد في أحد بنودها على تعزيز ثقافة العيش المشترك بين شعبي الدولتين، في أن تكون صاحبة تأثير كبير في جعل الشباب مُسهمين فاعلين في رسم الخريطة التنموية المستدامة، حيث ورد في أحد بنودها العمل على إنشاء برامج للتبادلات الثقافية والأكاديمية والشبابية والعلمية وغيرها، واتخاذ التدابير المتعلقة بالتأشيرات والخدمات القنصلية لتسهيل السفر الفعّال والآمن لمواطني البلدين، وغيرها من الخطوات التي تمكّن الجميع من تجاوز أي عقبات قد تقف حائط صدٍّ أمام تحقيق مستهدفات التنمية والاستقرار.
كما يُنظر إلى اتفاق دولة الإمارات ودولة إسرائيل في المعاهدة على إطلاق العنان للإمكانات العظيمة، وإبرام اتفاقيات ثنائية في المجالات التنموية، بوصفه إحدى أهم الوسائل التي تمنح شباب الدولتين شعوراً وإحساساً حقيقيين بفوائد السلام، نظراً إلى التسهيلات التي سيحصلون عليها في توسيع معارفهم وخبراتهم في هذه الصُّعُد، إذ سيتمّ تعزيز العمل المشترك، والتعاون المتبادل في مجالات الابتكار والاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي، والتقدّم العلمي والتكنولوجي، الذي يشمل تعزيز التعاون والتبادل العلمي، والتعاون في مجال استكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه للأغراض السلمية، فضلاً عن اتفاقات في مجالات الرعاية الصحية والسياحة، والثقافة، والرياضة، والطاقة، والبيئة والزراعة، والأمن الغذائي، والمياه، وغيرها من البرامج.
إن معاهدة السلام مع دولة إسرائيل ستؤثّر بشكل لافت للنظر في تحقيق رؤية دولة الإمارات المستقبلية الرامية إلى نشر الاستقرار بين شعوب المنطقة، وخاصة جيل الشباب الواعد الذي يتطلّع إلى تجاوز الخلافات، ويسعى إلى مستقبل يضمن له العيش برفاه وسعادة، وذلك بعد عقود كثيرة عاشها، وعاشتها الأجيال التي سبقته، من الصراع الذي لم يُنبِت سوى التأخر عن ركْب الدول التي أثبتت جدارتها في دعم النمو وتحقيق التنمية، وتمكنت، حين تجاوزت كل الموروثات العدائية، من أن تؤمّن للأجيال الواعدة فرصاً نوعية في التعليم والعمل، حدّت بدورها من الوقوع في براثن الفقر والبطالة.
لقد أقبلت دولة الإمارات على توقيع معاهدة سلام مع دولة إسرائيل، وهي تتطلع إلى تحقيق مجموعة من المستهدفات والمصالح، على رأسها مصلحة شباب منطقة الشرق الأوسط التي يعيش فيها أغلبية من الشباب، وخاصة أن 65% من سكانها هم دون سن الـ 35، ويشغفون لمستقبل أفضل، بعد أن عاشوا حاضراً أثبت لهم فشل المقاربات السابقة في تحقيق الطموحات التي تنهض بهم وبأسرهم ومجتمعاتهم، مُدركين أن الازدهار والتقدّم لا يمكن لهما التحقّق إلا بترسيخ السلام وتهدئة التوترات، وتأصيل مفاهيم وثقافة التعايش السلمي والتسامح وقبول الآخر المختلف، وبناء المحركات الفاعلة للتعاون والتبادل الاقتصادي والثقافي والمعرفي بين سكان المنطقة وحكوماتها.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.