الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تشيسواف ميووش.. الظل المنثني نادراً ما يستمر!

الشاعر تشيسواف ميووش للمصورة الفوتوغرافية JUDYTA PAPP
17 سبتمبر 2020 00:20

نوف الموسى (دبي)

عندما يُغلق الشاعر عينيه، فإنه ينظر إلى شعور خاص جداً، لا يتكرر ولا يمكن تجسيده في اللحظة، ولا يستدعي أبداً أن يتحول إلى لغة ما، إلا أن استحضاره واستشعاره دونما كلمة واحدة، سؤال يطرحه تأمل فوتوغرافيا الشاعر البولندي تشيسواف ميووش، للمصورة الفوتوغرافية «JUDYTA PAPP»، التي قدمت مشروعاً فوتوغرافياً لقصائد تشيسواف ميووش، عبر كتاب «This is Milosz».
تتماهى الفنانة مع فن البورتريه، بأسلوبها المتفرد، القائم على التعبير عن شخصية الشخص المصوَّر، وبالنسبة للمشاهد، فإن قوة الفوتوغرافيا تتجسد في أنه يمكننا معرفة أن صاحب الصورة شاعر، دون أن يخبرنا بذلك أحد، تجدها في الالتفاتة الخفيفة لتلك اللغة الجسدية البديعة، لدى تشيسواف ميووش، وخفة الضوء المائل، وطمأنينته الكونية، واستعداده التام لاستقبال القصيدة التي لم تكتب بعد، إنه ينصت إليها، بينما يقف العابرون من حول الصور يستدرجون بعد الصوت القادم من عمق صمت دفين، يستمع إليها تشيسواف ميووش، كمقطوعة موسيقية، كل شيء فيها يحدث من تلقاء نفسه، حيث تتراقص الكلمات وتأخذ شكلها في التآلف، رغم تناقضها الساحر، إلا أنها تجتمع في بيت شعري واحد، لتقول كل شيء.. كل شيء.  في التأمل الأول، لفوتوغرافيا «JUDYTA PAPP»، للشاعر، بينما يضع إحدى يديه بالقرب من ذقنه، مغمض العينين، وعلى مسافة قريبة منه زهرة تكاد تكون برية حرة، جميعها تجليات تعكس جمالية قصيدته التي قالها فيها: «الحب يعني أن تنظر في داخلك، مثلما يُنظر إلى الأشياء الغريبة عنا، لأنك مجرد واحد فقط من عدد من الأشياء، ومن ينظر على هذا النحو، على الرغم من أنه لا يعرف، فإن جروح قلبه ستندمل من كل العلل» (القصيدة من كتاب تشيسواف ميووش أشعار مختارة من دواوينه). 
وفي قصيدة أخرى، يرى تشيسواف ميووش أن «الظل المنثني نحو المدفأة نادراً ما يستمر»، بينما تلك الظلال التي رسمتها المصورة الفوتوغرافية  بلمحتها الأبدية، التي أعطت للشاعر حالة مركزية في الصورة الفوتوغرافية، إنما هو إيحاء بالاتساع، كما تغنى به الشاعر نفسه: «دائماً ما تشوقت لأكثر الأشكال رحابة، تلك التي ليست بالشعرية أكثر من اللازم، ولا هي بالنثرية أكثر من اللازم، وتسمح بأن نتفهمها دون إلحاق الأذى بأحد، فلا المؤلف ولا القارئ، يتعذبان عذاباً أليماً، جوهر الشاعر ذاته، ليس به شيء غير لائق: ينهض منا شيء لم نعرفه إنه فينا، لذلك ترفّ أعيننا، كما لو كان قد خرج منا نمرٌ، وقف في الضوء، ينفض عن جانبيه النيران».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©