«لحظات فارقة» عاشتها المنطقة أمس مع توقيع الإمارات وإسرائيل معاهدة السلام، إيذاناً ببدء مسار جديد لتعزيز السلم الإقليمي والعالمي، تمثل فيه الإمارات ركناً أساسياً، بما تمتلكه من رؤية استراتيجية، وإيمان قوي بأن السلام هو الأصل في الحياة، كونه التشريع الإلهي الذي يحاكي الفطرة السليمة، والطريق الأوسع للرخاء، والأساس في العلاقات بين المجتمعات والدول، وإن تعددت الديانات واللغات والأعراق. 
الدبلوماسية الإماراتية، التي كانت حاضرة بقوة في المشهد الدولي أمس، عبرت بجلاء عن قراءتها الواقعية للمستقبل، ويقينها بأن العلاقات الدولية ورقة أساسية من أوراق النهضة والتقدم، وأثبتت قدرتها على التأثير الإيجابي والانتقال بالواقع العربي إلى فضاءات سياسية واقتصادية واستراتيجية أفضل، نحو شرق أوسط أكثر سلاماً، وهو ما يشي بأن العلاقات الإماراتية الإسرائيلية لن تكون مستنسخة من تجارب سابقة.
على الجانب الآخر، زاد ضجيج وعويل «تجار وسماسرة القضية» الذين لم يقدموا شيئاً لأنفسهم ولا لأمتهم ولا لمحيطهم، ولم يساهموا سوى في الفرقة والانقسام وتأجيج الصراعات، الأمر الذي يؤكده الواقع بلا مبالغة أو تهويل، وسيذكره التاريخ متبوعاً بالكثير من علامات التعجب.
وعلى كل حال، فقد أصبح السلام بين الإمارات وإسرائيل واقعاً ملموساً، له ما بعده من مكاسب جيوسياسية واقتصادية مهمة للبلدين، وآفاق رحبة في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والتكنولوجيا والهندسة المعمارية والطب والزراعة المتقدمة، وغيرها من المجالات، التي سيكون للتعاون فيها آثاره الإيجابية على الشعبين «الصديقين» والمنطقة جميعها.
الإمارات، وفي هذه اللحظات التاريخية الفارقة، فتحت نافذة جديدة للسلام، وأرسلت رسالة قوية تؤكد من خلالها أنها اختارت أن تستكمل رسالتها الإنسانية بعيداً عن الكراهية ودوامات العنف، وهذا حقها السيادي، الذي تنطلق فيه من قناعات راسخة بأن السلام خيار أولئك الذين يعرفون قيمة المستقبل والمشتركات بين البشر، وأن الديانات التوحيدية الثلاث في العالم تستطيع تعزيز الجهود الرامية إلى إحلاله، لتنعم الشعوب بالرخاء.
للتاريخ، بقي أن يدرك الجميع أن «الشخصية الإماراتية» تؤمن بأن العبور إلى الغد لا يكون إلا بالقرارات الشجاعة التي تحول التحديات إلى فرص، فليس ثمة مكان للمسارات التي أصبحت غير قابلة للتحقق، بينما المستقبل لن يكون إلا للسلام.
وختاماً نقول: سلاماً لقراء «الاتحاد» و«يديعوت أحرونوت» ولكل أصدقائنا في إسرائيل، ولكل محبي السلام في المنطقة والعالم.