عندما تكسر عصا القياس، لا تجد ما تقيس به! فقانون النجارين يقول: «قس مرتين وأقطع مرة واحدة». صدام حسين، لم يقس وقطع مرة واحدة، فقطع معه جميع الأوصال العربية وليس الكويت فقط. ومع الأسف، نهج الأشقاء في القيادة الفلسطينية، الأسلوب ذاته، بأن كسروا عصا القياس، حتى أضاعوا القياس، والقيادات الفلسطينية لم تتعلم من دروس التاريخ.
لننظر إلى الذاكرة العربية المصرية، وبالتحديد نستحضر خطاب الرئيس المصري الراحل أنور السادات أمام الكنيست الإسرائيلي عام 1977ويومها كنا مندهشين، ونحن نشهد أقوى لحظة تاريخية في أول انفراجة سلام كانت، حين قال:«لقد كنا نصفكم بإسرائيل المزعومة، نعم... لكني أقول لكم اليوم وأعلن للعالم كله إننا نقبل بالعيش معكم في سلام دائم وعادل».
وقد نسلم بأنه، عبر تاريخ القضية الفلسطينية، لا يوجد أحد قد أضر بالقضية الفلسطينية، مثل الجماعات المتشددة والمزايدون، ما تنتهي إليه كل مرة بكارثة وإسرائيل تفرح بالمزايدين والمتشددين. ونذكر من التاريخ أن:«لجنة بي الملكي البريطانية في عام 1937 وصلت إلى قناعة الدولتين، فأعطت الفلسطينيين 90% من الأرض، 25000 كيلومتر مربع ودولة مستقلة وأعطت أربع مزايا، وأعطت اليهود 10% ودولة مستقلة وميزتين. لنرى كيف تمت مقاربة كل طرف لهذه القسمة، ولذلك جولدمائير انزعجت من هذه القسمة الضيزى، فذهبت إلى حاييم وايزمان تشتكي، رئيس إسرائيل، فقال لها:«دولة خير من لا دولة، ونرجو أن يرفض الفلسطينيون»، وهذا ما كان.. وبالفعل رفض المفتي أمين الحسيني، وبعدها هرب إلى هتلر.

شهدنا في مؤتمر فلسطيني افتراضي مصوّر من بُعد، ترأسه الرئيس محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، الذي أقحم موضوع «الأمية» التي نفاها عن الشعب الفلسطيني، وعاير غيره بالأمية ويقصد به دول الخليج العربي!؟ لم يستدرك السيد محمود عباس أن تعريف «الأمية» في العالم تغير وجرى تحديثها، بأن «الأمية هي من يجهل التعامل مع الحاسوب والإنترنت». وأحد الرفاق من أمناء الفصائل الفلسطينية، الذي ذكرنا بحراس الكرملين القدامى، بقوله: لماذا لا نتصل بالفلسطينيين في الخليج ونطلب منهم كذا وكذا..يعني من خلف السور..!
فيما تمنن أحد المشاركين، بقوله إن:«الشعب الفلسطيني درّسهم وعلّمهم»، بينما لا ينكر قادة الخليج العربي هذا الأمر للعرب وللفلسطينيين، مع أنهم في المقابل أخذوا أجورهم غير منقوصة. في المقابل نرى، ما تقوم به مدارسنا وجامعاتنا، حالياً، بأعلى مستوياتها في العلوم العلمية والإنسانية بتدريس أبناء الجالية الفلسطينية، دون أن نتمنن..!؟ 
قيادة الإمارات لم تكن أنانية في مقاربتها لاتفاق السلام مع إسرائيل، فقد أعطت القضية الفلسطينية اهتمامها الخاص، تمثل بطلب وقف قرار ضم إسرائيل 30% من أراضي الضفة الغربية. هذا التوجه يؤكد مدى التزام الإمارات السياسي والدبلوماسي بحق الفلسطينيين.
من باب الشعور القومي العربي، تتساءل شعوب الخليج العربي عن المواقف السياسية للشعب والقيادة الفلسطينية تجاه قضايا عربية وأحداث الخليج العربي، فيما يخص احتلال إيران لجزر الإمارات الثلاث، والتحالف العربي ضد «الحوثيين» التابعين لإيران، والصواريخ البالستية التي تستهدف السعودية، لم نسمع حتى شجباً أو إدانة!؟ هل هناك تمييز بين أرض عربية وأخرى.. إذا استثنينا الأماكن المقدسة؟
طريق السلام الخليجي هو السلام الذي من الممكن أن يحرك المسارات السلمية بعد جمود دام لسنوات، دون طائل. وهناك فرصة سانحة للفلسطينيين، فعليهم ألا يفّوتوها، ودولة الإمارات والدول الخليجية الأخرى ستساند الفلسطينيين في تفاوضهم مع إسرائيل.
*سفير سابق