اليوم الثلاثاء 15 سبتمبر 2020 ستقفز احتمالات السلام الإقليمي في الشرق الأوسط قفزة عملاقة. ففي البيت الأبيض، سيظهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ممثلاً لإسرائيل. كما سيكون هناك وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان ممثلاً لرئيس دولة الإمارات. والرئيس دونالد ترامب سيشرف على مراسم توقيع اتفاق السلام الذي يتوج إنجازاته الدبلوماسية أثناء رئاسته. وهذا الإنجاز سيتعزز مع توقيع البحرين اتفاق أيضاً مع إسرائيل. 
ويجب أن نعزو الفضل أيضاً إلى الرئيس ترامب في تمزيق «داعش» ومطاردة زعيم الجماعة الإرهابية أبو بكر البغدادي وقتله العام الماضي. لكن إعطاء ترامب الفضل الذي يستحقه مؤلم للغاية لكثيرين من المقيمين داخل فقاعة وسائل الإعلام الديمقراطية الذين تجاهلوا هذه الإنجازات بصفة عامة. وأمر ترامب أيضاً في يناير الماضي باغتيال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الإيراني الذي دبر لعمليات إرهابية مختلفة. وأعلن الرئيس هذا الشهر أن كوسوفو ذات الغالبية المسلمة تعهدت بأن تقيم علاقات دبلوماسية واقتصادية مع إسرائيل كما هو الحال مع صربيا، خصم كوسوفو السابق في البلقان. وصربيا ستنقل سفارتها إلى القدس الشهر المقبل وتعتزم كوسوفو أن تفتح سفارة هناك أيضاً. 
وبمساعدة من وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الرئاسة البارز جاريد كوشنر ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، أعاد ترامب في الأساس تشكيل التحالفات والصراعات في الشرق الأوسط في أقل من أربع سنوات. وبينما يشرف الرئيس على توقيع اتفاق سلام تاريخي في البيت الأبيض اليوم 15 سبتمبر، دعنا ننظر إلى وجود هذه الشخصيات الثلاثة بالإضافة إلى السفير الإماراتي يوسف العتيبة والسفير الإسرائيلي «رون ديرمر» والسفير الأميركي في إسرائيل «ديفيد فريدمان». وهذه المجموعة الأساسية من المتفاوضين- يقودهم في الأساس كوشنر الذي طعن «المخضرمون» في واشنطن قبل بضع سنوات في مدى اقتداره على القيام بالمهمة- قامت بعملية إعادة تشكيل هائلة في المنطقة ستعد واحدة من المراحل المحورية على درب السلام إلى جانب اتفاق كامب ديفيد عام 1978 واتفاق السلام الإسرائيلي الأردني عام 1994. 
ومعاهدات السلام قليلة وتفصل بينها مدد طويلة من الزمن في المنطقة التي شهدت الكثير من العنف منذ الحرب العالمية الثانية. وأخيراً، أصبح الزخم فيما يبدو في جانب السلام والرخاء. والتكنولوجيا الإسرائيلية إلى جانب النفوذ المالي للإمارات العربية المتحدة من المرجح أن يشقا طرقاً جديدة عبر الحصار القديم في الشرق الأوسط. وستسير المنفعة في كلا الاتجاهين، فتستفيد الإمارات من تكنولوجيا إسرائيل ذات المستوى العالمي وتحصل إسرائيل على خبرة الإمارات ليس فقط في التمويل والعمل المصرفي بل أيضاً في الطاقة النووية وغيرها من مصادر الطاقة النظيفة. ولدى الإمارات منشآت إمداد وشحن على مستوى عالمي. ومطار دبي هو أكثر مواني العالم حركة. كما أرسلت الإمارات بالفعل رائداً فضائياً إلى محطة الفضاء الدولية ومسباراً إلى المريخ. فهذه ليست شراكة بين قوتين إقليميتين فحسب بل اتفاق بين قوتين دوليتين. 
ولترامب الكثير من الإنجازات الداخلية يتألق بها سجله بما في ذلك تعيينات قضائية وتقليص للضرائب وتقليص اللوائح وإصلاحات في العدل الجنائي. وعلى المستوى الدولي، حقق إنجازات كثيرة بتقليص تواجد القوات العسكرية الأميركية في الخارج، كما وعد، وإعادة تشكيل علاقة أميركا بالحزب الشيوعي الصيني واتباع نظرة واقعية افتقدناها لفترة طويلة في هذا الجانب من المحيط الهادئ. 
لكن الاتفاق الذي توسط فيه ترامب بين الإمارات وإسرائيل وما تلاه من اتفاق بين البحرين وإسرائيل يعتبر ثاني أهم الإنجازات ويأتي في مرتبة تالية مباشرة. ومن المرجح أن يشغل «اتفاق ابراهام»، كما يطلق عليه مساحة كبيرة في مكتبة ترامب الرئاسية في المستقبل. وقريباً، قد يسير على الدرب نفسه سلطنة عُمان والسودان وغيرهما. وربما يحتاج الفلسطينيون إلى قيادة جديدة لتستبصر الفرص التي قد توفرها هذه الرؤية الجديدة. فكل الفرص ممكنة إذا حرص العرب والإسرائيليون على النمو معاً وليس التناحر في ما بينهم. ووصول بايدن إلى سدة الرئاسة، إذا أحيا فكرة استرضاء إدارة أوباما لرجال الدين حكام إيران، قد يقضي على هذا الزخم. 
أما الآن، يمثل التوقيع على الاتفاق في البيت الأبيض سبباً للاحتفال للجميع فيما عدا الذين يعميهم كره ترامب عن رؤية الإنجاز. وهؤلاء ليسوا جماعة صغيرة بحال من الأحوال لكنهم جميعاً سيبدون صغاراً بشكل لا يصدق إذا تجاهلوا أو قللوا من شأن هذه اللحظة من الأنباء الرائعة التي لا شائبة فيها عن السلام في العالم.
أستاذ القانون في جامعة تشابمان ورئيس «مؤسسة نيكسون» 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»