الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

أن تَكتب، أن يُكتبَ لك، عنك!

أن تَكتب، أن يُكتبَ لك، عنك!
14 سبتمبر 2020 01:00

 هل يُترجم الآخرون أفكارنا حينما ينبرون ليدبّجوا الكلمات، ويطرزوا العبارات، ويثرثروا كثيراً في القضايا العامة، والموضوعات الخاصة، سواء من خلال قصيدة أو مقال أو رواية أو أي شكل آخر من أشكال التعبير الأدبي والثقافي والفني، ترى هل يكتبوننا، أم يكتبون تجاربهم، وما يجول في خواطرهم من مشاعر وأحاسيس وهواجس ورغبات، وما يعانون منه من مشكلات تتقاطع معنا ومع همنا اليومي، لذا نعتقد بأنهم يكتبوننا؟ وإن لم نُكلّفهم بالكتابة بالإنابة عنّا وبأسمائنا؟
للكاتب روحٌ تخصُه وحده، تحادثه، يستمع لها، تُنصتُ له، قد يتخاصم معها فتهجره، وقد ترفضه فلا يقوى على حمل قلم، الكتابة ليست مجرد فن كما يشاع عنها، إنها روح الفن، ومن لم يتعاط مع الحرف، لا يدرك حجم معاناة الشاعر حينما تستعصي عليه قصيدة، أو الروائي عندما تنقطع حبال الوصل بينه وبين الأحداث، التي يرويها لكي تصل إلى القارئ سواء كتبها بتكليف غير منظور منه، أم جاءت من تلقاء الروح التي يحمل، أن تكتب يعني أن تتقاطع مع الآخر، أن تحكيه، أن تحمله على صدر ورقة، وأن تسكبه كأفخم عطر على ثوب جديدٍ مُشتهى.
أن يُكتب لك أو عنك مهمة ليست بسهلة أو مرنة أو عادية، إن عملية حياكة خيوطها من حرير، وتطريزها من ماء القلب، ولما أن تصير الكلمة بعضاً منك، فإنها تضعك داخل حدقة النص الطالع من عمق الكاتب ووعيه، وإدراكه، وفهمه، وقضيته هو قبل أن تكون قضيتك، ويختلف الكُتاب في طرق السرد، والحكي الموشّى بالبديع من الحواشي، والرفيع من الوعي، والوفير من اللغة الطالعة من ثقافة واسعة تستوعب الآخر، وتترجمه كأجمل ما تكون الترجمة صدقاً ووضوحاً.
إذن، فالعلاقة بين الكاتب والمتلقّي تواشُجيّةٌ فيها الكثير من الكلام، وفيها التضاد والاختلاف والائتلاف، وأشياء عدّةٌ ذات صلة بالعالم الجواني الخاص بهما، يستطيع الكاتب التعبير عن ذاته من خلال الذات نفسها، ويستطيع كذلك قراءة الذوات الأخرى برصد انفعالاتها، وحالاتها، وما يطرأ عليها من تحولات ذات صلة أيضاً بالمتغيرات من حولها، تلك التي تؤثر تأثيراً في ردود الأفعال لديها، ولديه باختلاف النسبة.
إن الكاتب حينما يكتب نفسه، أو الآخر هو في كل الحالات يختزل ما حوله عبر مصفوفة من الأدوات التعبيرية والإبداعية المساعدة، التي تأخذ بيده نحو الأرحب من الأفق الذي يتيح له الفرصة، ويهيئ له الزمان والمكان ليقول ما لديه، سواء عنهُ، أو بالإنابة عنه؟!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©