في الرابع من يوليو 2020، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وفي ظل الاستعدادات لإطلاق «مسبار الأمل» مبادرة جديدة تحمل اسم «برنامج نوابغ الفضاء العرب»، أطلقتها «وكالة الإمارات للفضاء»، وهي تتيح لأبناء العالم العربي، التقدُّم للحصول على منح للدراسة والعمل والتدريب بدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الفضاء والتقنيات المرتبطة به. وتسعى الدولة من خلال البرنامج إلى بناء قاعدة علمية متينة من علماء الفضاء العرب، ودعم جهود البحث العلمي في المجالات المتعلقة بالفضاء.
ويعكس فتح المجال أمام المتقدمين من كل الدول العربية للالتحاق بالبرنامج، البعد العروبي الأصيل في رؤية القيادة السياسية الإماراتية، والالتزام الثابت والمتواصل ببذل الجهود في سبيل رفعتها وتقدمها، وحرص الدولة على تقديم كل ما يمكن من أشكال العون والمساعدة إلى الأشقاء، إيماناً منها بأن كل تطور يُحرزه بلد عربي شقيق، يمثل قوة مضافة لصالح العالم العربي بأسره.
واليوم يخطو البرنامج خطوة جديدة، مع إعلان معالي سارة الأميري، وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، رئيسة وكالة الإمارات للفضاء وقائدة الفريق العلمي لمشروع «مسبار الأمل»، عن بدء الاستعدادات لفرز المتقدمين للدورة الأولى من أجل اختيار الملتحقين بالبرنامج في ثلاثة مسارات، هي: مسار الخبراء الذي يقبل المتقدمين حتى سن الستين، ومسار الدراسات العليا للراغبين في الحصول على درجتَي الماجستير والدكتوراه من جامعة الإمارات العربية المتحدة وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، والمسار الثالث مسار المواهب، المخصص للطلبة من سن 14 حتى 20 عاماً، وبذلك يتيح البرنامج فرصاً واسعة جداً للموهوبين من كل الأعمار.
ويقدم البرنامج مكافآت مالية وإقامة مدفوعة التكاليف في الدولة، ويوفر فرصاً للحصول على منح تعليمية في 13 تخصصاً تتصل بعلوم الفضاء، كما أن من يُثبتون كفاءتهم من الملتحقين بالبرنامج يحظون بفرص كبيرة للعمل بقطاع الفضاء الإماراتي ومشروعاته الواعدة، بما يضاعف من خبراتهم عبر انخراطهم في بيئة تحرص على تطبيق أفضل الممارسات والمعايير العالمية، وتفتح أبواب الترقي أمام مَن يمتلكون الجدية والطموح.
ويُجسِّد البرنامج الرؤية الإماراتية في اعتبار الكفاءات البشرية أثمن الموارد والأصول التي يجب أن تستثمر فيها أي دولة ترغب في التطور، حيث تريد دولة الإمارات لهذه الرؤية أن تصبح ثقافة عربية شاملة، كما تثق الدولة بأن القدرات والمواهب العربية لا حدود لها، وأنها قادرة على المنافسة والتفوق إذا وجدت الفرصة المناسبة، بدليل أن الجامعات والمؤسسات الصناعية الكبرى ومراكز البحث العلمية في الغرب حافلة بالمبدعين العرب.
كذلك اختارت الدولة للبرنامج مجالاً أحرزت فيه نجاحات كبيرة في فترة وجيزة نسبياً، وشيدت مؤسسات تعليمية وبحثية وعلمية وصناعية ضخمة، وأقامت قاعدة راسخة من المتخصصين الأكفاء، وعقدت صلات مع أبرز الشركات والهيئات والوكالات العالمية العاملة في مجال الفضاء، وراكمت دروساً وخبرات في مختلف الجوانب المتعلقة بالفضاء. وهذا الرصيد الإيجابي ستكون خلاصاته متاحة لمن يشاركون في البرنامج من مختلف بلدان العالم العربي، بما يوفر عليهم الكثير من الوقت والجهد.
ستتلو هذه الدورة من البرنامج دورات أخرى، تواصل اجتذاب النوابغ العرب، وتوفر لهم فرصة التفاعل فيما بينهم، وإقامة روابط وصلات إنسانية وعملية سوف تبقى معهم، سواء ظلوا في الدولة أو عادوا إلى بلدانهم أو انتقلوا إلى أي مكان من سوق العمل العالمي، وهو ما يعزز نشوء «مجتمع علمي عربي» في مجال الفضاء، ويقيم روابط على أساس من التعاون في العلم والمعرفة يمنحها الرسوخ والاستمرارية، كما سيتزود النوابغ العرب الملتحقون بالبرنامج برصيد كبير من المشاعر الإيجابية، بحكم وجودهم في دولة اعتادت أن تبث فيمن يعيشون على أرضها طاقات الأمل والتفاؤل.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.