لا زالت دول العالم تتسابق فيما بينها، للفوز بالحصول على اللقاح المعتمد طبياً للتصدي لمرض فيروس كورونا المستجد، والذي تحول إلى جائحة خطيرة تهدد العالم كله، جائحة لم تكن بالحسبان ولا أحد توقع ضررها أو تنبأ بحدوثها أصلاً، حيث فاجأت العالم بأجمعه، هذا الفيروس المستجد المستشري لا يُلمس ولا يُرى ولم يُعرف مصدره ولا علاجه حتى الآن، رغم كل الاستنفار الدولي الحالي، لذا نجد أنه غيّر مفاهيم العالم وأربكه، بل غيّر أسلوب وتعامل البشرية مع بعضها البعض خارج إرادة العقل والتفكير الأخلاقي، ونسف كثيراً من العادات والتقاليد الدارجة في العالم، بسبب الذعر والخوف وهواجس التعامل عن بعد، وتجنب الاختلاط والاحتكاك ومنع التجمعات، وضرورة المكوث في المنازل والحجر الصحي على الناس في أماكنهم، وحظر التجمعات ومنع السفر والدراسة والمؤتمرات والندوات واللقاءات، وحتى ممارسة العبادات الجماعية، خوفاً من هذا المرض المعدي.
ما زال العالم ينتظر متى وكيف يتم اعتماد لقاح أو علاج لهذا المرض الخطير المستجد، الذي فتك بالبشرية وشل حركتها تماماً، فمرة تعلن الولايات المتحدة الأميركية، أنها بصدد إنتاج اللقاح اللازم بشكل تام وكامل، ومرة أخرى تعلن روسيا اعتمادها اللقاح لهذه الآفة الخطيرة، وأنه تم تصنيعه وتجهيزه استعداداً لتوزيعه، كما سمعنا دولاً أخرى، أعلنت أنها بصدد تسجيل نجاحات متقدمة لإنتاج لقاح لمكافحة كورونا، لكن تفاجئنا منظمة الصحة العالمية بالقول إنها لم تعتمد أي لقاح طبي ضد كورونا حتى الساعة، وأن كل ما حصل هو اجتهادات ومحاولات من بعض الدول التي تبحث عن حلول ليس إلا.
لقد وضعت حكاية العلاج المنتظر لكورونا العالمَ كلَّه في حالة ترقب شديد، لا سيما الإنسان العربي الذي يحرص على البحث عن الحل السريع، من دون مضاعفات لحالة وضعه الصحي في أواخر العمر، وهو الذي ما أن يمتلك المقدرة المالية حتى تجده يجوب العالم بحثاً عن علاج فعال وسريع وقوي لإعادة تأهيله من جديد، وعن أي أغذية أو أطعمة أو أدوية (صناعية كانت أم طبيعية)، يمكنها إعادة شبابه من جديد أو إعادته إلى سابق عهده. لكن الرجل العربي ما أن يستخدم تلك الأدوية والخلطات «السحرية»، ويقبل عليها بحماس وشراهة، حتى يكتشف أن كل محاولاته ذهبت سدى، لأن عمره الافتراضي انتهى أو على وشك الانتهاء، وأن سنوات عمره سبقته إلى الترهل والخمول والعجز والشيخوخة.. قبل أن تستبد به مجدداً الرغبة الجامحة في العودة شاباً يافعاً نشطاً، كما عهد نفسه قبل 30 عاماً خلت، حين كان يخوض الكفاح والنضال والصولات والجولات في ميادين معاركه المختلفة، وحين يتذكر بطولاته السالفة في ما مضى من العمر، يعود من جديد للبحث عن حل لمشكلته العويصة، والتي لا حل لها أبداً. 
وهكذا حالنا اليوم، نرتدي الكمامات ونتحاشى الاختلاط ونتجنب المصافحة والاحتكاك ونتزود بالأكل المفيد والشراب النافع وبالمضادات الحيوية والمنشطات الفيتامينية.. خوفاً من شبح الموت جراء فيروس كورونا الخطير، الذي ليس له علاج ولا دواء ولا مفر منه حتى الآن.. وقد نسينا معاركنا السابقة في ميادين مختلفة، أيام الشباب وحيويته البدنية وتوقده الذهني!

*كاتب سعودي