مع مرور كل يوم، تتكاثر الأسباب التي تدفعنا للاعتقاد بأن إدارة الأغذية والعقاقير في عهد الرئيس دونالد ترامب، ربما تصدر ترخيص استخدام طارئ للقاحين أو أكثر ضد كوفيد-19 في نهاية أكتوبر المقبل. وفي الظروف المثالية، ربما تكون هذه أخباراً رائعة. فنحن، على كل حال، في قبضة حالة طوارئ عالمية كبيرة. ويلقى 1000 أميركي تقريباً حتفهم يومياً، أو بمعدل وفاة شخص واحد كل 80 ثانية. وظهور لقاح قد ينقذ هذه الأرواح. 
لكن ترخيص الاستخدام الطارئ سيواجه، على الأرجح، شكوكاً واسعة النطاق من كثير من الأميركيين، وليس فقط من «الديمقراطيين». ولا صعوبة في فهم السبب. فقد حاول ترامب على مدار السنوات الأربع الماضية، أن يضفي الطابع السياسي على كل جانب تقريباً من جوانب الحكم التقديري المستقل لمسؤولي الحكومة. 
وفي اللحظة ذاتها التي كان من الممكن أن نستفيد استفادة هائلة من الثقة العامة في حكم وكالة مستقلة، أُصيب ثقتنا بطعنة قاتلة. واعتاد منتقدو ترامب على عدم الثقة في الوكالات الحكومية في عهده. كما نجح ترامب نفسه في إقناع أنصاره بدرجة ما بأنه لا يوجد شيء يطلق عليه موضوعية، أو استقلال للرأي الحكومي، بل هناك صبغة سياسية تحرك الوكالات في أحكامها. ورغم أن هناك سبباً جيداً لإصدار ترخيص استخدام طارئ للقاح، ولتلقي الناس لمثل هذا اللقاح إذا توافر، فبعض الناس الذين يفكرون على أساس عقلاني، وربما يكون هؤلاء كثيرين جداً، لن يكون لديهم الثقة الكافية في إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية تمكنهم من الإقدام على هذا الخيار.
وبالطبع، ليس لدينا كل المعلومات عن المراحل الأولية لتجارب اللقاح. لكن القانون الاتحادي الذي يجيز تراخيص الاستخدام الطارئ، يضع معياراً قد تستوفيه هذه التجارب إلى حد كبير. وينص القانون على أن ترخيص الاستخدام الطارئ قد يصدر «بناء على مجمل الأدلة العلمية المتوافرة، بما في ذلك بيانات التجارب السريرية الملائمة وجيدة الإحكام»، (مما يجعل) من المعقول أن نعتقد أن هذا المنتج قد يكون فاعلاً في تشخيص ومعالجة أو الوقاية من المرض محل النظر. وهذا معيار منخفض للغاية، يحوم حول أن يكون من «المعقول» أن نعتقد أن اللقاح قد يجدي نفعاً. 
ويفرض القانون اشتراطاً، وهو أن «تتفوق الفوائد المعروفة والمحتملة للقاح» على المخاطر المعروفة والمحتملة، مع الأخذ في الاعتبار التهديد الفعلي الذي يمثله «كوفيد-19»، وهذا الشرط قد يجري تلبيته، ما لم تُظهر النتائج المبكرة أن اللقاح أضر بالأشخاص الذين تعاطوه. ويجب توفير اللقاح، إذا تأهل للحصول على ترخيص الاستخدام الطارئ، بناء على حكم علمي غير حزبي، ومن خبراء الصحة العامة. وهذا جائز الحدوث، بصرف النظر عن شخصية الرئيس، وبصرف النظر عما إذا كان ترامب سيستغل إعلان ترخيص استخدام الطوارئ باعتباره مفاجأة في أكتوبر، كميزة انتخابية حزبية. 
ولسوء الحظ، فحتى إذا وجدت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية الأسس المنطقية والعلمية التي تمكنها من إصدار ترخيص استخدام طارئ، فسيكون من الصعب للغاية على الجمهور أن يستسيغ أن قرار الإدارة جاء بناء على حكم رشيد، وليس على أساس حزبي. وهذا حدث بدرجة أو بأخرى، حين صدر ترخيص استخدام طارئ للعلاج ببلازما دم المتعافين في أغسطس الماضي. وكان من شبه المؤكد أن العلاج يلبي الحد الأدنى المطلوب لإصدار ترخيص الاستخدام الطارئ. لكن، في المؤتمر الصحفي ذاته الذي أُعلن فيه عن العلاج، لم تصدر المزاعم الخاطئة بشأن فعالية العلاج من ترامب وحده، بل من وزير الصحة والخدمات الإنسانية ومفوض إدارة الأغذية والعقاقير. والنتيجة كانت إشاعة الريبة والمزيد من فقدان المشروعية. 

*أستاذ القانون في جامعة هارفارد. 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»