الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن راشد لمحمد بن زايد: «فابلغ مداكَ فمَنْ جناحكَ يلحقُ؟!»

محمد بن راشد لمحمد بن زايد: «فابلغ مداكَ فمَنْ جناحكَ يلحقُ؟!»
6 سبتمبر 2020 23:54

محمد عبدالسميع (الشارقة)

الراية تعلو خفّاقةً فوق المجرّة، والمكارم تتدفق كما يتفجّر الماء من النهر، أمّا المجدُ فبين يديه وطوع أمره على الدّوام.. إنّه «بطل السلام» صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة.. وإنّها لقصيدةٌ عظيمة تلك التي يزجيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتكون بمنزلة عهد ورابط وثيق ولسان حال الإماراتيين كلّهم في الشدّ على يد «بطل السلام» ومؤازرته في ما يستشرفه وما يرتاده من أفكار عظيمة، وأيّ فكرةٍ أنبل من «السلام»؟.. هذا الذي لا تقلّ الشجاعة فيه عن الشجاعة في خوض الحروب، إنّه القرار الجريء والنبيل الذي يجد كل إعجابٍ واهتمام، فالجميع على كلمةٍ واحدة والقلوب ما زالت متوحّدةً على الهدف السياسيّ والكلمة الحرّة التي أطلقتها الإمارات، فكانت القصيدة..
«بطل السّلام» قصيدة رائعة في قافيتها وفصاحتها وبلاغة أبياتها وصورها الجميلة المعبّرة عن المساندة والإعجاب، تبدأ بـ«الراية» وتمرّ على المكارم، وتلبس لبوس المجد، وتصل إلى الثريا، وتتغنى بالقائد وحكمته وموروث زايد والمفاخر التي يحوزها الابن من أبيه، والمشهد يكتمل في القصيدة، حيث الجيش والشعب معاً خلف الراية المظفّرة، وخلف القائد الذي لا يلحق جناحه المحلّق أحد، ويعجز كثيرون عن فهم حكمته وفلسفته في صناعة السلام.

رايةٌ فوق المجرّة
فعلى أنغام أوزان الكامل (متفاعلن/‏‏ متفاعلن/‏‏ متفاعلن)، بكلّ ما في هذا البحر الرائق الواثق من ثقة وحماسة وسرعة في التعبير، يبني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قصيدته في تسعة عشر بيتاً، كلّ بيتٍ يعضد أخاه، تماماً كما يتعاضد الإخوة في الإمارات، فيحافظون على دفق المحبّة والسؤدد والمجد الأثيل، ولنا أن نقف على المشهد الجميل في المكارم التي تعبق بالبلاد والراية العالية: «لك رايةٌ فوق المجرّة تخفقُ»، ولنا أن نتذوّق معنى وجمال «الندى»: «ونداك منه مطوّقٌ ومطوّقُ»، فهي صورة الممدوح الذي يكون الندى له رداء، وتلك صورة قويّة يفخر بها الندى نفسه، لنكون بعد هذا الاستهلال الجميل والمدح الأصيل المتدفق من قلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، أمام لوحة مترابطة هي لوحة الألفة والمحبّة والترابط والعهد الوثيق: «بيتي وبيتك والوشائج بيننا.. وعريننا والخافق المتدفق»، إنّها صورة العرين الذي لا يستطيع أن يتجرّأ عليه أحد، وتلك صورة تحمل معنى المهابة، لتتوشّج هذه اللوحة بما للمادح والممدوح من شراكة ومحبة حتى في توحّد اسميهما معاً، وهو ما يعزز من هذه المحبّة: «واسمي وإسمكَ واحدٌ يا قائداً.. في كلّ ما يدعو نطيعُ ونصدق».
ليأتي بعد ذلك التعبير عن الطاعة والصدق فيها، بالثقة بالقائد وعدم مخالفته، بل وفي اليقين كلّ اليقين بأنّ العلا إنّما هو مسار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد: «سر يا محمّدُ للعلا متألقاً .. قُدماً ومثلك بالعلا يتألقُ».

حكمة زايد
إنّها حكمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة وباني نهضتها، والذي ورث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد عنه كلّ هذه الخصال الطيبة والسياسة الحكيمة، فقد كانت حكمته رحمه الله مضرب المثل في العالم، وإنّما هي حكمة يزيدها توهّجاً هذه العزيمة التي لا تلين أو تتوقف عن التصميم والعطاء وبلوغ المجد: «بك حكمةٌ من زايدٍ موروثةٌ.. وعزائمٌ منها العزائم تورقُ»، فالقائد الذي يشبه أباه ويأخذ عنه كلّ أفعاله ومحبّته لشعبه ودولته، يستقي منه أيضاً أنّه يظلّ، حفظه الله، يسبق المفاخر جميعها، وتلك صورة بليغة وقويّة وهادرة في مضمونها وتعزز مكانة وقوّة الممدوح، الذي تظلّ تنفق يمينه من الخير والعطاء، فكأنّما الدنيا بكفّك تُرزقُ!.. وهذا قمّة المدح ومنتهى البلاغة في التصوير، بل إنّ الماضي التليد والعريق هو قصيدة ناطقة بما حققه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد من مآثر ومكارم لشعبه: «وكأنّ ماضينا العريق قصيدةٌ.. بعظيم ما أتحفتَ شعبك تنطقُ».
سلام القادة العظام

وإنّه «السلام»!.. هذه الكلمة البسيطة في حروفها الكبيرة بمعناها، والتي وردت في كتاب الله عزّ وجل وحثّ عليها ديننا السمح المتسامح، وهي كلمة أو مفردة عظيمة تحتاج إلى عزيمة كبيرة أيضاً: «بطل السلام وصانع السّلم الذي.. بجناح عزمك في السّماء يحلّقُ». ثمّ تأتي مرحلة تجديد البيعة والتأكيد عليها في القصيدة، حيث البلاد بسهولها ونجودها تدعم هذا القائد الذي أظهر منطق الأمور في انحيازه للسلام بكل ما يحمل السلام من طمأنينة ومثابرة على العمل والإنجاز لا التقوقع والاحتراب، فهي السياسة المدروسة التي جاءت ببُعد نظر حكيم من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، فكان الصواب ثمرةً لهذه الحكمة والفراسة والنظر في ما هو بعيد من الأمور، وهي صفة القادة العظام الذين يرون ما هو بعيد، بحكمتهم وقراءتهم مستقبل الإنسانيّة في عالمٍ تجمعه المحبّة ويتوّجه السّلام.

على هدفٍ واحد
أمّا الشعب والجنود، فعلى هدفٍ واحد، في الذّود عن الحمى، وبذل هذا الدّم فداءً للوطن حين يطلب الوطن منهم ذلك، فهي قوّة وثقة وإعلان بالقوّة والعهد والسؤدد والمجد الأثيل.
وفي كلّ الاتجاهات يظلّ العزّ الحافل هو حليف القائد الهمام، أمّا الفخار فهو محيطٌ بهذا القائد الكبير: «أنّى اتجهتَ فثمَّ عزٌّ حافلٌ.. ولك الفخار مغرّبٌ ومشرّقُ»، كما أنّ منزلَهُ العالي سيظلّ فوق الثريّا، حيث يطلّ على الدنيا متألقاً بعلوّه ومحبّة الناس له وقوّته: «فوق الثريا منزلٌ تحتلّهُ.. وتطلُّ منه على الورى تتألّقُ».
«ولكمْ يحاولُ فهم فكركَ جاهلٌ.. فيعودُ والباب المبجّلُ مغلقُ».. تصوير بليغ لعجز الكثيرين عن إدراك حكمة وفهم القائد في تسييره للأمور وحكمته في إدارة شؤونها، فأن يُغلق الباب أمام هذه العقول العاجزة عن الفهم، أو التي تحاول ألا تفهم وتظلّ في عنادها، فتلك صورة بليغة وقوية دالة على التوقّف عن الاستشراف، وشتّان ما بين القائد الملهم الذي يستشرف ويرى بعيداً كالصقر، والجاهل الذي لا ينفتح له باب الفهم فيعود خائباً بجهله، فهي صورة المتضادين، وهي صورة موفّقة في التعبير عن الموقف: «لك كلّ شعبكَ تابعٌ ومتابعٌ.. فابلغ مداكَ فمَنْ جناحكَ يلحقُ؟!».. وهذا استفهامٌ قُصد منه التعجب وتقرير الحقيقة القويّة وهي أنّ جناح الحكمة لا يلحق به جناح من هم قصيرو النظر في الحكمة والاستشراف، أمّا مفردة «الجناح» فتحمل كلّ معاني التحليق والقوّة والنفاذ إلى أبعاد جديدة من الفكر والرؤية والحكمة في النظر إلى ما هو آت.

في دروب الرفعة والمجد
ثمّ يختم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بختام المحبّة والمساندة بأصرح عنوان، إذ يقول: «وأنا أخوكَ كما عهدتَ مساعداً.. شمس الأخوّة في المواقف تشرقُ!».. أجلْ!.. إنّها شمس الأخوّة التي يسطع نورها في المواقف وتُمتحن أو تُختبر في هذه المواقف، فما بعد تعبير الأُخوّة من تعبيرٍ دال، وما بعد الشمس الواضحة من برهانٍ ودليل على كلّ هذه المحبة والروابط الوثيقة التي لا تزول بين القائد الهمام وشعبه الواثق المعطاء الذي يسير معه في كلّ دروب الرفعة والمجد وتحقيق الطموحات الكبيرة بإذن الله.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©