الإنجاز الدبلوماسي التاريخي بين الإمارات وإسرائيل ترتب عليه تعاون ثنائي سيشمل العديد من المجالات من بينها قطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة، لكن ثمة محوراً مهماً كنت أود أن أسمع أو أقرأ عنه هو التعاون المتعلق بمجال الإعلام، ذلك لأنه من دون إعلام موضوعي شامل لوجهة نظر الطرفين، يكون هدفه بناء الثقة، التي كانت مفقودة جراء عقود من المقاطعة والخطابات المعادية، يصبح من الصعب تحقيق التعاون في المجالات الأخرى. 
لا شك كان للإعلام العربي دور كبير في تعطيل عملية السلام وزيادة العداء، حتى الدول التي وقعت معاهدة السلام مع إسرائيل مثل مصر والأردن، كانت وسائل إعلامهم معادية ولا تعكس بأي وجه من الوجوه اتفاقية السلام. كانت اللغة في القنوات الإخبارية – وفي مصر إضافة للنشرات الإخبارية في الأفلام والمسلسلات الدرامية – غالبًا ما «تشيطن» اليهود الإسرائيليين. هذه الصور النمطية عززت فكرة أن إسرائيل عدو، ومن يجرؤ على بناء علاقة معها يتم التعامل معه انطلاقاً من نظرة سلبية، وقد ركزت المقاربات الإعلامية أيضاً على النظر إلى اليهود الإسرائيليين على أنهم مهاجرون أجانب فقط، وسبب في الصراع، متجاهلين روابطهم القديمة بالشرق الأوسط.
لقد كانت كل التغطية الإعلامية العربية حول إسرائيل في العقود الماضية في إطار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فلا شيء في وسائل الإعلام يغطي، الداخل الإسرائيلي الطبيعي، الذي يتضمن المجال الثقافي والاقتصادي والاجتماعي والفني والتقني، الطبي، والتعليمي في إسرائيل. كما أن وسائل الإعلام تغطي الصراع دائمًا من رواية أحادية ولا تُظهر الجانب الآخر. ولعل ذلك يرجع سببه لأن الاتجاهات التي سيطرت على الإعلام العربي بما فيه الخليجي كانت مرتبطة، لعقود طويلة، بأيديولوجيات قومية ناصرية وإسلاموية بعيدة عن التوجه الخليجي الواقعي الخاص بالقضية الفلسطينية. فهذه الأيديولوجيات لم تعد تعني شيئاً للمشاهد الخليجي وخاصة الشباب، فهو جيل الإنترنت والسوشيال ميديا التي لعبت دوراً كبيراً في مد الجسور لتحقيق اتفاقية السلام بين أبوظبي وتل أبيب. 
كذلك الإعلام الإسرائيلي لا يخلو من التحيز والصور النمطية الخاصة عن العرب، فالصورة الأكثر انتشاراً هي صورة العربي كشخصية قاسية وعنيفة ولديها طبيعة غير بشرية. فقد توصل الكثير من الباحثين أن الصحافة الإسرائيلية متحيزة لفكرة الترويج للقضية من منطلق وطني، بدلاً من التركيز على أساسيات الصحافة الحرة، التي تعرض آراء الطرفين. فالصحافة الإسرائيلية تفتقر إلى التغطية الكافية، وتشدد على أعمال العنف التي يرتكبها الفلسطينيون، وهذا من شأنه يولد شعوراً عاماً بين المواطنين الإسرائيليين بالخوف والانتقام. 
ما يميز اتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل عن باقي الاتفاقيات أنها ليست فقط اتفاقية سياسية بين حكومات بل الجزء الكبير منها تجاري واستثماري، لذلك التعاون سيكون أيضاً على مستوى الأفراد والشعوب، وأهم بند لتحقيق ذلك هو بناء الثقة واحترام جميع الأطراف، وهذا لن يكون، إلا من خلال تناول إعلامي يتسم بالموضوعية.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي