يتساءل المراقب عما يحلم به أردوغان:«هل مشروعه لإحياء تركيا الكبرى محكوم عليه بالفشل داخلياً وخارجياً»؟ السبب الرئيس في طرح علامة الاستفهام المتقدمة مرتبط بالخرائط التي نشرتها تركيا منذ عام 2016، وتحتوي على الحلم الخاص بالعثمانية الجديدة، وفيها تمتد الأذرع الأردوغانية إلى خارج الحدود الإقليمية للدولة العثمانية ، لتشمل أجزاء من اليونان وبلغاريا في الجانب الأوروبي، والعراق وسوريا في الشرق الأوسط، عطفاً على جورجيا وأرمينيا في آسيا.
والشاهد أن تركيا بقيادة «حزب العدالة والتنمية»، وبأوهام السيطرة، مضت بالفعل في محاولة محكومة بالفشل، في طريق تنفيذ مثل تلك الخطة، فأرسلت جنودها إلى سوريا والعراق، وها هي تتحرش باليونان جواً وبحراً، كما تفعل مع قبرص ، أما في أفريقيا السمراء، حيث شواهد اضمحلال العثمانية القديمة قائمة تسبب الأحزان والأسى لأردوغان، يسعى جاهداً لقلب الموازين في ليبيا.
لا تتوقف الأوهام عند هذا الحد، ولهذا يقيم الرجل قاعدة عسكرية تسمى معسكر «تركسوم» في الصومال، لمراقبة مجريات الأمور في البحر الأحمر.
والثابت أن أردوغان عندما يفعل ذلك ينسى أو يتناسى حقيقة تاريخية مهمة، وهي أن القوى الكبرى والعظمى فقط، سواء عسكرياً أو اقتصادياً، هي من تقوى على فعل ذلك، أي إرسال جيوشها خارج أراضيها، وفتح جبهات صراع في أكثر من موضع وموقع حول العالم، الأمر الذي فات بعض زعماء المنطقة الشرق أوسطية في ستينات القرن الماضي، وكانت أكلافه عالية، إلى حد أنها ذهبت بمشاريعهم، لكن يبدو أن أردوغان لا يقرأ التاريخ.
سياسات تركيا اليوم وتدخلاتها العسكرية، باتت داعمة للإرهاب في جميع أنحاء المنطقة من«القاعدة» إلى «داعش» ، ومن «حماس» إلى «الجهاد»، والمرور بكافة الفصائل التي خرجت من رحم جماعة «الإخوان»، تلك التي تنعم أطرافها بحماية ولو إلى حين تحت سماوات تركيا.
القول الرنان في فشل أردوغان مرتبط بأمرين: الأول داخلي والآخر خارجي. في الداخل لا يجد أروغان أي دعم من الشباب التركي. وآخر استطلاعات الرأي تشير إلى أن أغلبيتهم لن ينتخبوه في اقرب اقتراع، إذ يدرك هؤلاء أن عجلة التاريخ لا تتوقف ولا تعود إلى الوراء، ولأنه غير قادر على قراءة خارطة العالم الجيوبوليتيكية المحدثة، لهذا فإنه يغازل كبار السن ومن لديهم بعض من حنين للعثمانية توارثوها من الأجيال الغابرة. عطفاً على ذلك فإن أحلام أردوغان قد كلفت تركيا حتى الساعة قرابة 170 مليار دولار ديون، غير خدمة هذا الدين، ما دعا مؤسسات التمويل الدولي لتخفيض درجة الائتمان التركي، وترجمة ذلك تعني مستوى حياة اقتصادية متعثرة، واقع لا تعوضه التصريحات الجوفاء عن غاز البحر الأسود، أو الأطماع في نظيرتها في البحر المتوسط وبحر إيجه.
أما الخارج فلا يدرك أردوغان أنه ليس أكثر من بيدق يتلاعب به ساكن البيت الأبيض من الغرب، وصاحب الحصن الأحمر المعروف بـ«الكرملين»، من الشرق. الخلاصة..أحلام أردوغان مقضي عليها بالإخفاق الذريع، فانظر ماذا ترى.
*كاتب مصري