إميل أمين
عن دار التنوير في مصر ومن ترجمة إيهاب عبد الحميد، صدر حديثاً هذا الكتاب الملهم لتحقيق السلام والسكينة وسط دوامة الحياة الحديثة، والذي يلفت انتباهنا إلى الحكمة القائمة في الشرق الآسيوي، سيما وأن مؤلفه «شونميو ماسونو»، هو الكاهن الأكبر في معبد «زن» ياباني، وأحد أبرز مصممي حدائق الزن في العالم. يحاول الزن استنقاذ الإنسان عبر التأمل والاستعانة بالطاقة الروحية الكامنة في النفس البشرية ، ومع كل تمرين من تمارين الكتاب يدرك المرء أن السعادة ليست أمراً مستحيلاً ، بل عبر إجراء تغييرات طفيفة على حياتك، يمكنك تحقيق السلام الداخلي. لماذا الحاجة إلى قراءة مثل هذا العمل في حاضرات أيامنا ؟ لأن عقلنا يشتعل وسط حرب الدوبامين الجديدة بين الأخبار المروعة والتطبيقات الإلكترونية التي تسعى للسيطرة على أذهاننا، وهنا يجيء فن الحياة البسيطة كدلو ماء نسكبه على هذا الحريق. يقع الكتاب في نحو مائتي صفحة من الحجم المتوسط، ويقدم 100 عادة يومية لحياة أكثر هدوءاً وسعادة عبر أربعة أجزاء، في الأول يقدم المؤلف 30 طريقة لتنشيط «ذاتك الحاضرة»، وينصحك بأن تجرب إجراء تغييرات طفيفة على عاداتك ، ومنها أن تستيقظ مبكراً خمس عشرة دقيقة، وان تخصص وقتاً للفراغ، ويدعوك لأن تكتشف فوائد النظام الغذائي القائم على الخضراوات، وأن تتعلم الجلوس على طريقة الزن، وربما أن تمشي حافياً بعض الوقت، وأن لا تفكر في أمور بغيضة قبل النوم، وأن تزرع حديقة صغيرة على شرفتك. الجزء الثاني به 30 طريقة لاكتساب الثقة والشجاعة اللازمين للحياة، ويدعوك فيه صاحب الكتاب أن تجرب تغيير وجهة نظرك للأمور، وان تكتشف ذاتك الأخرى، وألا تجعل الأشياء التي لم تحدث بعد تزعجك، وينصحك بأن تستغرق فيما تفعله، ولا تترك المهمات التي تنتظرك تخمد عزيمتك، وفي الوقت نفسه لا تلقي اللوم على الآخرين، ولا تحصر نفسك في منظور واحد، وبدلا من القلق عليك أن تمضي قدماً. الجزء الثالث يحتوي على 20 طريقة لتخفيف الارتباك والقلق، والنصيحة الأساسية في هذا القسم هي أن تحاول تغير تفاعلك مع الآخرين.
في مقدمة نصائح هذا الجزء أن تسعى لخدمة الناس بمحبة وصدق وإخلاص، وان تظهر مشاعرك بالأعمال بدلاً من الأقوال، وأن تركز على مزايا الآخرين وتوثق علاقتك بالناس، وتنتبه لاختيار اللحظة المناسبة، لا تنظر للحياة بمنظور المكسب والخسارة فقط، وابحث عن الأشياء على حقيقتها، وأسعد من حولك. الجزء الأخير من 20 طريقة لتجعل كل يوم أفضل من سابقه بأن تركز على اللحظة الراهنة، وأن تبقى ممتناً لكل يوم حتى الأيام العادية، وأن تؤمن بنفسك خاصة عندما تشعر بالقلق.
تلخص تعاليم الزن مقولة من أربع عبارات، ترجمتها كالآتي: «اليقظة الروحية تنتقل خارج السوترا - المواعظ»، ولا يعيشها الإنسان عبر الكلمات أو الحروف، الزن يهتم بالعقل البشري، ويمكنك من إدراك طبيعتك الحقيقية، والوصول إلى حالة الكمال الروحي للبوذية، بدلاً من تركيز اهتمامنا على الكلمة المكتوبة أو المسموعة، ينبغي علينا مواجهة ذواتنا الجوهرية هنا والآن.
والخلاصة: حاول ألا تنساق وراء قيم الآخرين، ألا تزعج نفسك بالهموم غير الضرورية، وأن تعيش عوضاً عن ذلك حياة بسيطة بساطة لا متناهية، خالية من كل ما يبدد طاقتك ويهدرها، وهذا هو أسلوب الزن.