كثر الحديث عن مرور الولايات المتحدة بمرحلة تتعافى فيها الشركات الكبيرة والأثرياء، بينما تظل الشركات الصغيرة والعمال أصحاب الأجور الصغيرة في قلب المعاناة، وهذا الانقسام يتجلى أيضاً في الطريقة التي يتسوق بها الأميركيون، فقد أكدت بيانات الإنفاق الشخصي لشهر يوليو الماضي ازدهاراً في مشتريات السلع المعمرة مثل السيارات والثلاجات، بالتزامن مع تقلص في الإنفاق على الخدمات، وهذا عكس تماماً ما حدث في ركود عام 2008، لكن مثل هذا الازدهار في مشتريات السلع المعمرة غير مستدام إذا توصلنا للقاح لفيروس كورونا، وحين ينتهي هذا الازدهار، ستكون الأسواق على وشك فترة تشبه تلك التي حدثت بين عامي 2015 و2016، حين أدى ركود في استثمارات الطاقة إلى اضطراب كبير في الأسواق العالمية، حتى مع استمرار نمو إنفاق المستهلكين والتوظيف. 
ويرجع جانب كبير من الفضل في تصاعد الأسهم منذ مارس الماضي، إلى شركات التكنولوجيا الكبيرة، لكن ازدهار مشتريات السلع المعمرة لعب دوراً أيضاً، وهذا سبب الأداء الجيد لشركات تطوير المنازل ومتاجر بيع الأجهزة الإلكترونية بالتجزئة والشركات التي تبيع الأدوات المنزلية، واللافت رغم ذلك أن معظم النشاط الاقتصادي الأميركي، وما ينتج عنه من عمليات التوظيف، يتركز في قطاع الخدمات. 
في الماضي، كانت السلع المعمرة لا تتفوق على الخدمات، إلا بعد ركود في الإنفاق على مثل هذه السلع المكلفة، وهذا الانفصال قد يستمر لعدة شهور أخرى، لكن الوعد بإجراء اختبارات فيروس كورونا سريعة وتحسن المعالجة الطبية، والحصول على لقاحات يعني أن هناك فرصة جيدة، لأن تتغير هذه التوجهات لتعود إلى المستويات العادية نوعاً ما بحلول وقت مبكر من العام المقبل، فكيف تستوعب الأسواق زيادة سريعة في الإنفاق على الخدمات، عندما يتحول الإنفاق على السلع المعمرة من حالة القوة إلى الفتور أو أسوأ من ذلك؟ 
لدينا مثال حديث عن أجواء مشابهة، وإن لم تكن متطابقة لما قد نراه على مدار العام أو العامين المقبلين، فقد أدى هبوط أسعار السلع الأولية بين عامي 2014 و2016 إلى ركود في الاستثمار الاقتصادي حول العالم، والإنفاق على إنتاج السلع واستخراجها، وخاصة النفط، أدى إلى هبوط في الإنفاق ليس في هذه الصناعات فحسب، لكن أيضاً في سلسلة الإمداد الداعمة لها، والبعض يطلق على هذا ركوداً متسللاً يحدث حتى في سياق نمو اقتصادي أميركي، وتوقفت أسواق الائتمان في الوقت الذي شعر فيه المستثمرون بالخسائر على القروض المرتبطة باستثمارات الطاقة، وعانت أسواق الأسهم من هبوط وتقلبات كثيرة مع قلق المستثمرين في الأسهم بشأن الإشارات الصادرة عن أسواق الائتمان. 
ومن السهولة أن نتوقع عودة حراك مثل هذا عام 2021 و2022، حين يقرر المستهلكون تحويل إنفاقهم من السلع المعمرة إلى الخدمات.

*صحفي أميركي 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»