يتوالى تساقط الأقنعة عن تلك المجموعة من الفقاقيع الذين اقتحموا حياتنا تحت مسمى «فاشينيستا» أو مؤثر اجتماعي، وتسببوا بلوثة في مجتمعنا جعلت كثيرين يلهثون لمجاراتهم تحت أضواء الشهرة الزائفة معتقدين أن حياتهم رحلات وسفرات على الدرجة الأولى والإقامة في منتجعات فاخرة والإطلالة منها لبعض دقائق للترويج لهذا المنتج أو الفندق وغيرها من مجالات الدعاية. لكن الحقائق تتكشف لتفجر مفاجآت من العيار الثقيل وتسقط الأقنعة عن الكثير من فقاقيع «الفاشينيستا» ونجوم «السوشال ميديا»، كما جرى في الشقيقة الكويت التي كشفت عن علاقة عدد منهم بجرائم غسيل أموال وارتباطات بتنظيمات إرهابية أجنبية.
وقبل أيام مثل أمام القضاء عندنا اثنان من هذه الفقاقيع، وهما مقيمان بينهما قاصر جرت إحالتها للأحداث، بينما يجري النظر في قيام «الفاشينيستا» الكبير بزراعة وتعاطي المخدرات والاتجار بها. للفقاعتين متابعون بمئات الآلاف من السذج الذين خدعوا وراء ذلك البريق الزائف والأضواء الخادعة، وقد جاءتهم هذه الأخبار صادمة، علهم يفيقون من الكذبة الكبيرة التي كانوا تحت تأثيرها وسطوتها.
 مثل هذه الوقائع فرصة كذلك لتذكير أولياء الأمور بمسؤولياتهم في توعية النشء بأن هذه الفقاقيع لم تكن ولن تكون نماذج للاقتداء بها على طريق النجاح في الحياة، الحياة العملية التي تتطلب الجد والاجتهاد في العلم وتطوير الذات واكتساب المهارات، والأهم من ذلك التحلي بالأخلاق الحميدة المستمدة من قيم مجتمع الإمارات الأصيل.
وبالقدر الذي ترصد وتتابع فيه الأجهزة المختصة تورم حسابات بعض «الفاشينيستات» من جراء عمليات غسيل الأموال، علينا الانتباه أكثر لما يروجون له، والذي يمثل خطورة أكبر من تلك العمليات، ونقصد مضمون ما يقدمونه تحت ستار الحريات الشخصية، وهم يعملون على جر متابعيهم نحو القاع وتقويض كيان واستقرار الأسر بتأليب الأغرار والمراهقين على آبائهم وأمهاتهم، وتشويه العلاقة بينهم بزعم التحرر من وصاية الوالدين لضرب أساس استقرار الأسرة والنسيج الاجتماعي، وهي -الأسرة- التي تعد أهم مكون في بناء نهضة المجتمعات والأوطان.
 يواجه مجتمعنا اليوم العديد من التحديات والمخاطر، وفي مقدمتها استهداف شبابه وأغلى ثروات الوطن من قبل تجار السموم الذين يسعون بلا هوادة للوصول إليه سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق أساليب أخرى كخدمات «الفاشينيستا»، وبالمقابل علينا التصدي لهم أيضاً بكل قوة وبلا هوادة لأن مستقبل الأجيال على المحك.