الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المسرحي عبدالله مسعود: الفن بناء للوعي وإثراء للثقافة الوطنية

عبد الله مسعود في لقطة من «مرثية الوتر الخامس» (أرشيفية)
3 سبتمبر 2020 00:32

محمد عبدالسميع (الشارقة)

يؤكّد الفنان المسرحي الإماراتي عبدالله مسعود أهميّة الرسالة الفنية المجتمعية عبر نافذة النور والوعي والإبداع، باعتبار أن الفنان دائم الحضور في وجدان الناس وفي عقولهم، إلى درجة أنّ علاقةً حميمةً بينه وبينهم تستدعي أن يظلّ حاضراً في وسائل الإعلام وفي حفلات التكريم، وفي النظر إليه باعتباره دائم التأثير الإنساني في ما يقدّمه خلال مشواره الطويل الذي لا يمكن أن يتركه أو يتقاعد منه.
ويقول مسعود: إنّ الأمم الحيّة، وعبر كل التاريخ الأدبي والفني، لا تزال ذاكرة أعلامها ذات حضور وتلقى حفاوة في الفن والأدب والفكر وشتى حقول المعرفة الإنسانية التي تجمعها كلمة «ثقافة»، فالفنان الذي يستنزف عمره ووجدانه، ويتجدد على خشبة المسرح، على سبيل المثال، هو أكبر مثال على حالة الوفاء التي يعيشها ويظلّ مهموماً بتوصيلها للناس، من حيث كونه كائناً رومانسياً حالماً بالتقدم الإنساني والتغيير في سلوك الجمهور إلى الأفضل، ومن هنا فإنّ الجوائح العالمية أو الكونية التي تمر بها الدول والشعوب، يجب ألا تنسينا دوره المهم في معادلة يظل فيها طرفاً يصعب اختزاله أو تناسيه، مؤكّداً أنّ عطاء الفنان الإماراتي دائم ومستمر، وتتعزز أهمية هذا الدور في خضم هذه الجائحة التي ابتلي بها العالم ويأمل الخروج منها في القريب العاجل، بإذن الله.
ويؤكّد الفنان مسعود أهمية وضع الفنان المحلي في دائرة الاهتمام والتفكير بطرق عديدة لتأكيد دوره وحضوره، فهو استثمار ناجح وضرورة تضعنا أمام مسؤولياتنا وتكاملنا المؤسسي وبقائنا على الروح ذاتها في البناء والتطوير، موضحاً أنّ هناك حاجة نفسية وروحيّة وثقافية وفنية وداخلية للإنسان من المهم تلبيتها عن طريق هذا الفضاء الفني والإبداعي، وخصوصاً في المسرح «أبي الفنون»، وبالطبع في كلّ الفنون الأخرى، وحقول الإبداع التي نعرفها، لأنّ الفن الإماراتي، وعبر توليفة الإبداع والتجسيد الحيّ للأفكار الإنسانية والوطنية، هو مفتاح للسعادة المجتمعية، وهو لا ينفصل بحال من الأحوال عن كلّ قطاعاتنا الوطنية الأخرى، لأنّ الثقافة تتخلل كلّ هذه القطاعات، وهي ضرورية لها، وليست ترفاً أو زيادةً عليها، ومن هنا فإنّ وزارة الثقافة هي المنطلق الأول للاحتفاء بذاكرة الوطن الثقافية والإبداعية، وتفعيل الدور حتى في أضيق الحالات، أو أشدّ الأزمات، أو في ظلّ هذه الجائحة، التي قد تجعل الفنان وحيداً ومعزولاً، وهو كائن اجتماعي بطبعه، لا يمكن أن يتخلّى يوماً عن عشقه للفن، سواء في المسرح، أو التشكيل، أو السينما، أو الموسيقا، أو التمثيل والإخراج، أو الدراما، أو التلفزيون، وغير ذلك من الحقول والمنصات. 
والفنان الذي لابدّ أنّه لطول مراسه واحتكاكه بالنصوص الأدبية والإنسانية والترجمات العالمية لأعلام الكتابة والفن، يظل بالفعل ذاكرة تجمع بين الفن والأدب، وفي هذا السياق يعبّر الفنان عبدالله مسعود بقوله: «هناك أصوات من بعيد تأتي، تضرب بقوة طبلة الأذن في كل حين، وأعود في كل مرة أسأل نفسي: هل أنا الوحيد الذي يصله الصوت، أم أنّ هناك من سرى إلى وجدانه ذاك الصوت الذي يطرق صوان الأفئدة؟.. هذا شيء لا أستطيع أن أفتي فيه، أو أن أضع برهاناً عليه، غير أنه يدفعني إلى الكثير من الأسئلة حول ما أقدمه أنا شخصياً وأصحابي الذين وهبوا حياتهم الطويلة لمشاريعهم الفنية». وبين الذات والشعور بالحضور تكمن معاناة الفنان دائماً، كما يقول مسعود، الذي يرى أنّ الضوء الخافت لا يتناسب مع أرفع مستويات الفن والأداء والتضحية، فالنخب المثقفة والفنية تحتاج، كما يقول، إلى التفكير الدائم بالاستمرار في أداء الرسالة، وخصوصاً أن الفنان الإماراتي كان سفيراً ثقافياً وممثلاً ناجحاً لوطنه في كلّ المحافل والتظاهرات الثقافية العربية والعالمية، وتحديداً في مجال المسرح، فهو مسار مهم في تكوين حالة الوعي وإثراء الثقافة والمعرفة وذائقة المجتمع، ولذلك فإنّ حضوره في هذا الوقت الذي يشعر فيه بالوحدة والعزلة أمرٌ مهم، بل في غاية الأهمية، فرسالة الفن لا تتقاعد أو تتقاعس عن خدمة الوطن في كلّ الظروف والأزمات والتحديات.
ويرى الفنان مسعود أنّ ظروف الفنان العالمي والعربي والإماراتي على وجه التحديد، يجب ألا تكون حجر عثرة أمام حضوره، فمن الصعب على الفنان أيّاً كان أن يبقى في هذه الثنائية الصعبة، ما لم يتم إطلاق الطاقات الخلاقة، لكي يتخلص فناننا من عناء التفكير والبقاء في شرنقة الوضع المادي، فهذه الأوضاع هي العدوّ الأول للإبداع، وهي ما يجعل الفنان يتقهقر عن أداء دوره أو الاستمرار فيه، والفن كما نعلم جميعاً رسالة وطنية في نهاية المطاف. إنّ الفنان يجب أن يظلّ ركيزةً أساسيّةً لخلق ثقافة نوعية وفن ملهم في وطن تتنوع فيه الثقافات، كما يقول الفنان مسعود، فلابدّ من أن تظلّ الفرص والابتسامة قريبتين منه، لكي يتمكن من أن يطرح مشاريعه ويضع خططه المستقبلية، ففي كثير من دول العالم يتمّ الترحيب بالفنان وتقدير جهده وعمله النبيل الرفيع، وتتم مشاورته ومشاركته في الخطط والأفكار، فتصله رسائل الشكر على مجهوداته، لكي لا ينتابه الحزن والشعور بالوحدة، ولكي يبقى متوهجاً ومعطاءً ورافداً أصيلاً لكلّ الأجيال، وهو ما يجعل منه أيقونةً أو ذاكرةً من ذاكرات الوطن في كلّ قطاعاته الثقافية وغير الثقافية على الدوام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©