لا يقاس نجاح المجتمع بالاقتصاد فحسب، بل أيضاً بقوة العلاقات الإنسانية. بهذا المقياس، تتراجع الولايات المتحدة بشكل خطير. يتطلب جمع الأميركيين معاً، مرة أخرى، جهداً قوياً على كل مستوى من مستويات المجتمع، وسيكون للسياسة العامة دور تلعبه.
نظرياً، لا تزال الولايات المتحدة واحدة من أغنى دول العالم، حتى بعد أخذ عدم المساواة في الاعتبار. لكن لديها العديد من المشاكل التي لم يتم تناولها بالكامل في إحصاءات الدخل والنواتج، ولكنها تقلل من جودة حياة شعبها. وإحدى هذه المشاكل هي ارتفاع معدل جرائم العنف. فالولايات المتحدة لديها أكثر من أربعة أضعاف نصيب الفرد من جرائم القتل في المملكة المتحدة، وأكثر من 25 ضعف عدد جرائم القتل في اليابان. والمشكلة الأخرى سوء الصحة. فقد تضافرت السمنة، والأدوية المخدرة، ومشكلات أخرى، لتقليل متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة إلى ما دون مثيله في العالم الغني.
ولكن علاوة على هذه المشكلات، هناك أدلة متزايدة على أن الولايات المتحدة تعاني من وباء العزلة الاجتماعية. وجدت الأبحاث باستمرار أن العلاقات الشخصية الوثيقة هي عوامل أساسية في تحديد السعادة البشرية. لذلك عندما نسأل لماذا أصبح الأميركيون أكثر تعاسة في السنوات الأخيرة؟ فإن انهيار العلاقات هو مكان طبيعي للبحث فيه.
لقد وثق علماء الاجتماع انخفاضاً في المشاركة الاجتماعية للأميركيين لعقود حتى الآن. لكن الأجيال الأخيرة قد تشعر بوخز الوحدة بشكل أكثر حدة. وجدت إحدى الدراسات الاستقصائية الحديثة أن 43% من الأميركيين يشعرون بالعزلة الاجتماعية، وأن أفراد الجيل «زد» -وهي المجموعة التي هي الآن في سن المراهقة وأوائل العشرينيات- هم الأكثر وحدة على الإطلاق. وجدت استطلاعات أخرى الشيء نفسه، حيث قال ربع الشباب إنهم ليس لديهم أصدقاء. 
وعلى الرغم من أن التطبيقات الاجتماعية والهواتف المحمولة للأشخاص تتيح البقاء على اتصال عبر الفيديو أو الرسائل النصية طوال اليوم. ومع ذلك، في عصر المعلومات، يبدو أن الشعور بالوحدة قد ازداد سوءاً؛ بطريقة ما، فإن مجرد تسهيل الاتصال البشري لا يكفي لجعل الناس يبنون علاقات قوية.
النقطة المضيئة الوحيدة في البيانات، هي أن الوباء لم يجعل الأمور أسوأ، كما قد يتوقع المرء. يبدو أن الإجهاد والعزلة الجسدية لفيروس كورونا قد حثتا الأميركيين بالفعل على التواصل ودعم بعضهم البعض. لكن ليس من الواضح ما إذا كان الوضع قد تحسن بالفعل، أم أنه توقف ببساطة عن التدهور.
قد يكون النهج الأكثر فاعلية هو منح الأميركيين مزيداً من الإجازة من العمل. تشتهر الولايات المتحدة بمنح موظفيها إجازة مدفوعة الأجر قليلة جداً. إنها الدولة المتقدمة الوحيدة التي ليس لديها إجازة سنوية مفروضة من الحكومة الفيدرالية، ولا يحصل ربع العمال على إجازة مدفوعة الأجر على الإطلاق.
*أستاذ المالية المساعدة بجامعة ستوني بروك
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»