أن تقارن بين النور والظلام، وبين الليل والنهار، وبين الحق والباطل، وبين الحقيقة والوهم، وبين الحب والكراهية، وبين السعادة والتعاسة، وبين الصدق والكذب، وبين الفضيلة والرذيلة، وبين الحلم الزاهي والكابوس، هذا نفسه ما يحدث من مفارقة في المقارنة بين أفعال الدولة التركية في الوطن العربي، وبين ما تقوم به الإمارات من محاولات جادة ومضنية، وصادقة من أجل رأب الصدع، وصد المخالب الهمجية التي بدأت تنهش في الجسد العربي، تحت ذرائع وحجج واهية لا أساس لها من الصدق والحقيقة. 
ومن المفارقة أيضاً أن تهدد دولة أردوغان الغريبة العجيبة، المريبة، كل من يقترب من مخالبها، وتطالب بالابتعاد عن موجاتها العارمة التي تشيعها في الوطن العربي، حيث أصبحت أحلام هذه الدولة التي مرقت على الحقيقة، وتجاوزت حدود التحدي للقوانين والأعراف الدولية، غائصة في أتون أوهام ما قبل التاريخ، سابحة في بحيرة من رغوة الخيال الجامح، سادرة، مخدرة بأفكار سمّمت بطموحات اللا واقع، وسقطت في مستنقع المكابرة، والمغامرات غير المحسوبة. 
أردوغان يهدد، ويتوعد، ويظن أنه أعظم من هتلر، وموسوليني، وغيرهما من الجبابرة الذين لفظهم التاريخ، وألقاهم في مكبّاته المهملة ونسي أردوغان أن الإمارات وغيرها من الخيّرين في هذا العالم، لا ينطلقون إلا من فكرة واحدة، هي أن السلام العالمي تحميه واقعية السياسة، وحقيقة الانتماء إلى عالم واحد، لا تشوبه شائبة أطماع خاصة، ولا تسومه نزعات فردية أنانية، عدوانية، قابضة على جمرة التورّم الذاتي، وانتفاخ الأنا. 
أردوغان وقع ضحيّة هذه الآفة الأنوية، كما وقع سابقون علقوا على مشانق الحقيقة، أو نفوا إلى جزر عزلتهم النهائية، كما حدث مع نابليون، هذه الحقائق يجهلها أردوغان، لأنه لم يعد يبصر، ولا يسمع، ولا حتى يشم رائحة دخان النيران، التي يشعلها في كل مكان من الأرض العربية، ظناً منه أن (الجمل لي طاح كثرت سكاكينه)، ولم يع أردوغان بعد، أن العروبة مثل النخلة لا تموت، وإن ماتت، تموت واقفة، والتاريخ يحفظ لهذا الوطن الذي امتلأ بالطعنات، أنه من جراحه الدامية، صنع قنواته السيّالة ليعبر المحن، ويدوس على جروحه، ويبني مجده من جديد. فالإسلام الذي يدعيه أردوغان، جاء من هذه الأرض المعطاء، أرض الجزيرة العربية، والتي منها وإليها تنتمي الإمارات العربية المتحدة. هذه المفارقة يجب أن يسد فجوتها أردوغان بالتعقل.