لا تدري من أين يأتي الكدر، عندما يكون يومك جميلاً وفرحاً، فقد ينغص عليك خبر صغير عن شؤون الحياة اليومية لم تحسب له حساباً، وقد يفاجئك خبر حزين لا تستطيع أن تفعل شيئاً لدحره، أو حله، أو حتى استيعابه، ولا يبقى لديك غير غيمة حزن وكدر، وتدعو الله أن يزيل تلك الغيمة ويفرج الأمر، الحياة لا تضمن حوادثها ولا سيرورتها، فقد تتحول لحظات فرحك إلى حالة شديدة الكدر والحزن، خاصة في هذا الزمن الذي تطير فيه الأخبار وتنتشر في ثوان معدودة.
ولكن في ظل هذا الواقع اليومي، كيف نستطيع أن نتجاوز عثرات الأيام؟ هل نعد النفس والذات على أن تتجاوز الصعاب وتستوعبها، إن حدثت، أو أن ترفضها، ونحاول في الحلول الأقل ضرراً، أن نتجاوزها، أو نتجاهلها؟
هل ندع الأمور تمضي كيف يشاء الوقت والزمن ومجريات الأمور، قد تكون بالأمس أنت في قمة السعادة والعزيز لديك كذلك، ولكن الآن في حالة ضجر للذي حدث لك، أو وقع في ساعات قليلة.. إنها الحياة التي تبعث المفاجآت الحزينة أو السارة في ثوان معدودة، وأن ندرب أنفسنا على هذه المواقف، حتى وإن طرق عقلك السؤال بقوة وإلحاح، وقال لك: من أين يأتي الكدر؟ وحدك القادر على مسح هذه الصورة، أو تغييرها إلى الأجمل في صنع فرحك بيدك وتصرفك أمام عاديات الأيام، ولا شيء غير التجاوز والنسيان، أو على الأقل التناسي والسعي بقوة إلى أماكن الجمال والفرح، اصنع فرحك بيدك، اترك أماكن الضجر والهم، غادر الأماكن السالبة، اهجر الأحاديث والأشخاص الذين قد يصنعون الهم والحزن، ويتفننون في إدارة محركه دائماً وأبداً، اجعل روحك طائراً أخضر، فراشة ملونة، طائر نورس، واعبر البحار والمحيطات والأنهار بخيالك. اقطف وردة وقدمها هدية لوجه جميل، لطفلة تركض في حديقة الحياة الواسعة، أوقد الشموع على كل الطرقات والدروب، اصنعها في خيالك، وابتسم للقمر، وغنِّ للشمس نشيد الحياة. تذكر أغانيك القديمة ورددها كثيراً «الحياة حلوة بس نفهمها»، اصنع وألف أغاني جديدة لها أجنحة عصافير محلقة فوق الأزهار، تخيل الحياة بستاناً واسعاً وأنت جواد يعدو بقوة، بعيداً عن الألم والكدر وأخبار المرض.
هناك في طرف الغابة البعيدة، سيظهر لك وجه جميل يحمل باقات ورود الفرح، دعه يغني للحياة، سوف يمضي الزمن، لا شيء يستحق الحزن، احلم دائماً، وإن تكسر حلمك القديم، اصنع الجديد من الأحلام الوردية، منذ البدء والإنسان يحمل ويحلق في فضاء الأحلام، سقط الكثير منها، ولكن تحقق أيضاً الكثير منها، وليكن السؤال: كيف نصنع الفرح؟