الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة الرقمية (2): من يطوّر الخدمات

الحكومة الرقمية (2): من يطوّر الخدمات
31 أغسطس 2020 01:05

ظهر تطبيق «ويشات» الصيني إلى الوجود في 2011 كمنصة للتراسل بين الناس. وظل لعدة سنوات يتنافس مع عدة تطبيقات راسخة ومنتشرة بين الناس من أهمها تطبيق QQ. وفي 2015 حدثت انعطافة قلبت الموازين وحسمت التنافس لصالح «بطل» وحيد هو ويشات. 
المدونة كاي يوغيان كانت واحدة من مستخدمي QQ، وكانت سعيدة بتعلّقها به، لذا قاومت اللحاق بأقرانها وأقاربها الذين تحولوا إلى ويشات، إلى أن وجدت نفسها أمام لحظة الحقيقة: «لقد غادر الجميع. إنهم الآن على ويشات». وهكذا اتخذت القرار الصعب، وتخلت عن منصتها الاجتماعية التي عاشت في كنفها لعشر سنوات كاملة. 
يبلغ عدد مستخدمي ويشات اليوم أكثر من مليار إنسان يشكلون أكثر من ثلاثة أرباع سكان الصين. ويستهلك هؤلاء أكثر من 30% من وقتهم الذي يقضونه على الإنترنت في عمليات تجري على التطبيق العملاق. 
فما السر وراء تلك النتيجة الكاسحة لصالح ويشات؟
المفارقة الملفتة للنظر أن العديدين ممن التحقوا بالتطبيق، ومنهم يوغيان نفسها، إنما فعلوا ذلك سعياً وراء الخصوصية، إذ كان الاعتقاد السائد أن ويشات يؤمن دوائر محمية (وصغيرة نسبياً) للتواصل على نطاق محدود، وبحسب رغبة المستخدم، بدلاً من أن يكون المرء مكشوفاً لمئات الآلاف من الناس على المنصات الأخرى. 
لكن التطبيق تنامى شيئاً فشيئاً. وكلما كانت «الأقدام تتزاحم» فيه، أصبح البائعون أكثر ميلاً لطرح منتجاتهم في عالمه الافتراضي. وهكذا فعل مزودو الخدمات على اختلاف أشكالها. ومن خلال شبكة عملاقة من الترابط مع تلك «الأطراف الثلاثة» أصبح ويشات اليوم مزيجاً من السوق الضخمة، والمجتمع المتواصل، والمجمّع الخدمي الشامل. 
من خلال ويشات تستطيع حجز رحلة قطار أو طائرة، وطلب سيارة أجرة، وشراء تذكرة سينما، واستئجار منزل، وحجز غرفة فندقية، وطلب وجبة طعام، ودفع فاتورة الكهرباء، وطلب قرض مصرفي، وتحويل أموال. وهذا غيض من فيض، إذ إن الخدمات التي يحتاجها الناس كلها تقريباً موجودة هناك، ويمكن الحصول عليها بعدد قليل من النقرات على الهاتف الذكي.  اليوم تخطى ويشات حدوده كتطبيق، وصار نموذج عمل جديداً، أو عنواناً لمرحلة جديدة من المجتمع الرقمي. في هذا النموذج يصبح السؤال حول المركزية أو اللامركزية نقطة محورية يتعيّن حسمها قبل الشروع في رسم استراتيجية التحول الرقمي للأعوام المقبلة. وفي نقاش كهذا من البديهي أن تتعدد الآراء حول النموذج الأمثل للحكومة الرقمية. لكن النقطة المركزية تتعلق بتقديم الخدمات للناس. وفي هذا السياق فإن نموذج ويشات وغيره من التطبيقات «العملاقة» يطرح فكرة الذهاب إلى حيث يكون الناس، وتقديم الخدمات لهم عبر المنصات التي تروق لهم، ولا بأس أن تبقى الخدمات مطروحة عبر المنصات الأخرى، فتعدد الخيارات شرط ضروري لرضا المتعاملين والأفراد عموماً. وهو نموذج يستحق أن يؤخذ في الاعتبار.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©