بعد مضي نحو خمسة أشهر على تنفيذ المرحلة الثانية من«تعويم» الدرهم المغربي، التي بدأت في مارس الماضي، بتوسيع نطاق تقلب سعر الصرف من 2.5 إلى 5%، سجل في أواخر أغسطس الحالي، تحسناً بنسبة 0.87% مقابل الدولار، وتراجعاً بنسبة 0.51% مقابل اليورو، وهما العملتان اللتان يستند إليهما الاقتصاد المغربي، الأولى بنسبة 60% والثانية 40%، وتأتي هذه المرحلة، بعد نجاح المرحلة الأولى التي بدأت في يناير 2018، مسجلة نتائج «بيضاء»، لا سيما لجهة استيعابها «سيكولوجيا»، مع ثبات العملة المغربية، على أمل التوسع تدريجياً للوصول إلى «التعويم» الكامل، الذي قد يستغرق أكثر من 10 سنوات، تلبية لنصائح صندوق النقد الدولي.
ووفق «البنك المركزي»، يهدف إصلاح نظام سعر الصرف، إلى تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص الصدمات الخارجية، ودعم تنافسيته، وبالتالي المساهمة في نموه. وإذا كانت المرحلة الثانية قد بدأت في ظروف ماكرو اقتصادية ومالية ملائمة على الصعيد الداخلي، وتتسم بمستوى ملائم من احتياطات العملة الصعبة، وتضخم متحكم فيه، مع استدامة الدين العمومي وصلابة القطاع المالي، فإن الوضع قد تغير نتيجة تطورين بارزين هما تداعيات جائحة كورونا، وتأثيرات الجفاف على القطاع الزراعي، وانعكس ذلك ركوداً اقتصادياً، ووصف بأنه الأشد منذ 24 عاماً، على أمل أن يستعيد الاقتصاد عافيته العام المقبل بنمو 4.2%.

ولمواجهة المشكلة المالية، أنشأت الحكومة صندوقاً استثمارياً يسمى «صندوق الاستثمار الإستراتيجي» بموازنة 12 مليار دولار، تنقسم إلى قسمين: الأول يتضمن 4.5 مليار دولار ستخصص للاستثمار الاستراتيجي، والثاني 7.5 مليار دولار، تتعلق بتمويلات من البنوك للمقاولين، وهدفه إنعاش الاقتصاد ودعم التشغيل للحد من تداعيات جائحة كورونا. 
المغرب يسعى إلى تطوير تنافسية تجارته الخارجية نحو أسواق أفريقيا والشرق الأوسط ودول أوروبا، وجذب مزيد من الاستثمارات والتدفقات المالية، الأمر الذي يتطلب توفير احتياطي نقدي يغطي فاتورة مستورداته لأكثر من سبعة أشهر، ما يدل على تكرار «حرب العملات» بين السلطة النقدية والمضاربين، من تجار ومستثمرين ومصرفيين ورجال أعمال، في كل مراحل «تعويم» سعر صرف الدرهم.

*كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية