حظيت معاهدة السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل بدعم من «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» في واشنطن، وحظيت أيضاً بدعم من داخل الاتحاد الأوروبي. لكن المعاهدة تعرضت لانتقاد من دول مجاورة محورية، خاصة إيران وتركيا. 

وأفضل نتيجة محتملة للإمارات وإسرائيل، هو التفاوض بعناية على الوضع النهائي الذي قد يتضمن اعترافاً رسمياً وتبادلاً للدبلوماسيين، إلى جانب عدد من المبادرات من الطرفين، تؤدي إلى تعاون أكبر في السياحة والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والتعاون المشترك لمعالجة المشكلة الإقليمية المتعلقة بتوفير إمدادات ملائمة من المياه النظيفة بكلفة معقولة. وإذا تمخض حسم هذه القضايا عن فوائد واضحة للطرفين، سيتزايد الدعم للاتفاق داخل كلا البلدين، وسيمثل حافزاً قوياً للدول العربية الأخرى على الدخول في العلاقات مع إسرائيل. وسيمثل هذا أيضاً حافزاً قوياً للحكومات الإسرائيلية بأن تمتنع عن المضي قدماً في خطط تضم بها، في نهاية المطاف، مناطق أخرى من الضفة الغربية. 

ورد الفعل الآني للفلسطينيين تمثل في الشعور بالحنق والغضب، وذلك على الرغم من أن المعاهدة تنقذ حياة الفلسطينيين الذين مازالوا يؤيدون «حل الدولتين». ولولا المعاهدة والضغط القوي من إدارة ترامب، لمضت الحكومة الإسرائيلية في طريق الضم الرسمي لقطاعات واسعة من الضفة الغربية، بما في ذلك منطقة غور الأردن، في وقت لاحق من العام الجاري. ولأن هذا الخيار توقف الآن، تفادى الفلسطينيون والأردن مواجهة أزمة وجود. وإذا خسر ترامب الانتخابات في نوفمبر أمام «جو بايدن»، ستمارس الإدارة الأميركية الجديدة على الأرجح ضغوطاً أكبر على إسرائيل لإحباط خطط الضم، واستئناف المفاوضات فيما يتعلق بحل قيام الدولتين. 
والتداعيات الإقليمية للاتفاق ستكون بعيدة المدى على الأرجح. فقد استنكرت إيران وتركيا الاتفاق، وسيقوم كل طرف، كل بطريقته، بكل ما في وسعه لعرقلة وإعاقة المزيد من التحركات في العالم العربي لإقامة علاقات مع إسرائيل. 
ومن الواضح أن طهران ترى في التعاون الأوثق بين الإمارات وإسرائيل، تحدياً عسكرياً، وتنظر إلى هذه التطورات باعتبارها أدلة إضافية على استراتيجية أميركية أوسع نطاقاً لممارسة المزيد من الضغوط على طهران للتخلي عن العناصر العسكرية في برنامجها النووي. وهذه الرؤية ستدفع إيران إلى تعزيز علاقاتها مع الصين في التجارة والسياسة والثقافة والأمن. وهذا التعاون المقابل الأوثق مع الصين، قد يتضمن صفقات نفط مهمة مع العملاق الآسيوي، لمساعدة الاقتصاد الإيراني الراكد في الخروج من مأزقه.

وغضبت تركيا، مثل إيران، من إعلان الاتفاق، وهددت بتقليص درجة العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات. ولطالما زعمت أنقرة أنها حامية للمصالح الفلسطينية، ولذا كان من المتوقع أن تستنكر الاتفاق. ورغم أن تركيا تشعر بأن التهديد المباشر الذي يمثله الاتفاق عليها أقل مما يمثله على إيران، لكن قدرة تركيا كبيرة على لعب دور في إفساد تطورات تشهدها المنطقة. 

وأوسع تأثيرات الاتفاق نطاقاً تتوقف، على الأرجح، على مستقبل السياسة الأميركية في المنطقة، وهذا لن نعرفه إلا بعد انتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل. فهل سيصبح دونالد ترامب، أو جو بايدن، مستعداً لتقديم المزيد من الحضور الأميركي القوي في المنطقة، ومستعداً لتحدي، ليس فقط إيران، بل تركيا والصين وروسيا أيضاً؟ أم ستواصل الولايات المتحدة انسحابها من الشرق الأوسط لتشهد، في هذه الحالة، صعود نوع جديد من العلاقات الاستراتيجية لن تحقق استقراراً إقليمياً على الأرجح، بل ستشجع على المزيد من الشقاق وربما الصراع العسكري؟

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشونال انترست»