قصائد في حب الخيل لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هي حكاية في سرد الذات، وهي مونولوج داخلي يعبر عن حوار الذات مع الذات، وهي تعبير مجازي عن العلاقة الحميمة بين الإنسان والخيل، عبّر عنه سموه شعرياً، بلغة فلسفيّة تماهت مع ما يختزنه سموه من إرث تاريخي في علاقته بالخيل، والتي تتصدر كل أحلام الطفولة، متّصلة بسن الشباب، منتمية إلى حالة النضج الفكري والثقافي، مندمجة ضمن عاطفة شاملة، كاملة، جذرها في حب التراب، والانتماء إلى ذراته، وفرعها في الطموحات الكبرى في البناء، والنهوض بمستوى الوطن، والسعي دوماً إلى المراكز الأولى، فوثبة الخيل هنا تعبر عن لحظة الانتقال من فكرة قديمة إلى أخرى جديدة، تضيء الطريق إلى تحقيق حلم جديد، تتجدد به الأحلام، وتتطور الأرض لتبني جسورها مع الفرح، متواصلة مع العالم، في ناحية النشوء والارتقاء.
محمد بن راشد عندما يسجع قائلاً: «من عرفته وعرفني قال لي لا تخيب - وقلت له ما بخيب لك مدى العمر فال، ومن على الخيل سيره بين صبح ومغيب - يحتويه التأمل وكلما بأرض جال». من هذين البيتين، تتجلى روح الشعر في مد أهداب التأمّل في الحياة، وطرح أسئلتها الوجودية بجرأة وحصافة وبلاغة، ونبوغ يعبر عن قريحة شعرية منفتحة على الخيل، كما هي ممتدة كالخيط من ألف الوجود حتى يائه، وهي القناعة الفكرية الراسخة بالوحدة أوالتناغم، لاستكمال دائرة التضامن على أرض البسيطة.
في هذا الكتاب تبرز المكانة الشعريّة لدى الشاعر، وقدرته على الانسجام مع مخلوقات الله، كونها جزءاً متصلاً وليس منفصلاً عن حياتنا اليومية، وهي كذلك في الجين الوراثي الوجودي بذرة الوجود الأولى، وهي المدوزن الحقيقي لوزن القصيدة، والمنظم لقافيتها، والتي يجيد سموه في تنظيم خصلاتها، وترتيب جدائلها، وتهذيب جداولها، وتشذيب موائلها لتصبح القصيدة في نهاية الأمر فرساً يرفع خطماً، ليجيب عن أسئلة الفارس، وهو يتأمل لوحة العالم بفكر، وسبر، وحبر، وصبر، ويمضي في المشهد الشعري يلاحق بنات أفكاره، كما يتابع شهقة الخيل، وهي تمتطي صهوة المسافات البعيدة، والسرج بحر من بحور الشعر، واللجام قافية تحدد معنى أن يكون للخيل عاشق، ولميادينها نسق وأفق.