خدمة توصيل الوثائق من أهم الخدمات التي تعتمد عليها العديد من الدوائر في إتمام جهودها لإسعاد المتعاملين معها، وتتباين مستوى الخدمة، ولكنها تمثل «اللمسة الأخيرة» لرحلة المعاملة والمتعامل.
 وبعد كل هذه السنوات من التعامل مع بعض الشركات، أسلوبها لم يتغير، تردك مكالمة من مركز الاتصال الخاص بها في ساعات الصباح الأولى، لتبدأ المعاناة في حالة عدم ردك، تعاود الاتصال فتجد الرقم مبرمجاً بعدم استقبال الاتصالات، لتقضي أياماً أخرى بانتظار مكالمة «الحظ» من جديد، وأنت في أمس الحاجة لوثائقك لتصلك بسرعة، مما جعل الكثيرين يختارون تسلّم وثائقهم حضورياً.
 أدعو مسؤولي الخدمة في تلك الشركات لإيفاد متسوق سري، لرصد العدد الكبير من المتعاملين، الذين يختارون خدمة الاستلام حضورياً من مكاتبهم الرئيسية عوض انتظار تسلم إرسالياتهم في مقارهم، على الرغم من أنهم يدفعون الرسم المقرر للخدمة عن كل وثيقة.
 الجهات الخدمية الكبيرة كالهيئة الاتحادية للهوية والجنسية، وكذلك «الجوازات» وشرطة أبوظبي وغيرها من الجهات، تقدم خدمات نوعية متميزة وتنجز معاملاتها رقمياً في غضون دقائق معدودات، في استثمار رقمي أنفقت عليه ملايين الدراهم لترجمة رؤى قيادتنا الرشيدة لإسعاد المتعاملين، وإيجاد خدمات حكومية على مدار الساعة للمتعاملين من دون عناء، وعبر الأجهزة الذكية والمنصات الإلكترونية الخاصة بتلك الخدمات، ولكن كل ذلك الجهد يتعثر ويتعرقل عند «اللمسة الأخيرة»، ونعني هنا خدمة التوصيل، إذ لا يشعر المتعامل بأنه قد استفاد من السرعة ما لم تصله معاملته في الوقت المحدد لها، وهو في أمس الحاجة إليها.
«هيئة الإمارات للهوية والجنسية» اختارت ومنذ سنوات عدة، طريقة استلام متعامليها لبطاقات «الهوية» الخاصة بهم من المكتب الرئيسي للبريد المركزي، وارتاح الناس لهذا الأسلوب، فما أن يتلقوا الرسالة النصية من الهيئة بأن البطاقة جاهزة، حتى يتوجهوا إلى هناك لاستلامها، بكل سهولة ويسر ودون معاناة وهدر للوقت مع مندوب «التوصيل» لتحديد مكان وجودك، وأحياناً يفرض عليك المكان الذي يختاره، والذي يعرفه أو القريب منه، وبالذات للمتعاملين من سكان الضواحي.
أعتقد أن الوقت قد حان لتغيير هذا الأسلوب في التوصيل والتعامل لخدمات مدفوعة الرسوم، ولا يوجد أي مبرر لاستمرارها بهذه الطريقة، التي تنال من جهد دوائر وجهات عدة، وفي زمن يتميز بسرعة الأداء والخدمة المتطورة، التي أصبحت سمة العمل الحكومي في الإمارات.