حان الآن أن نتخيل حلماً كبيراً، بعد أن أصبح جانباً كبيراً من التعليم في المعاهد العليا الأميركية مقتصراً على الإنترنت هذا الفصل الدراسي، وأصبح مستقبله على المدى الطويل غير مؤكد بشكل عميق. ويعتمد حلمي على خطة للحكومة الهندية في الآونة الأخيرة، تستهدف تشجيع أفضل 100 جامعة في العالم على العمل في الهند. وتخيلوا كيف ستبدو السنوات الثلاثون المقبلة إذا سُمح للهند بإقامة جامعة «برينستون مومباي» وجامعة «هارفارد حيدرأباد» أو «أوكسفورد كولكتا». في البداية، ستتردد معظم الجامعات الأميركية الكبرى في الإقدام على هذه الخطوة. صحيح أن هناك مشروعات في الخارج مثل (يال-إن. يو. إس. كوليدج) في سنغافورة، لكنها أصغر وأقل أهمية نسبياً من الجامعات المحلية. والجامعات الكبيرة تنظر بإعجاب إلى مكانتها باعتبارها مؤسسات حصرية، ولن يكون من السهل على هارفارد- حتى بعد كوفيد-19- إقامة معهد علمي بجودة مقارنة في الهند في معظم مجالات الدراسة الأكاديمية. 

لكن بعض المعاهد العالمية التي تندرج ضمن قائمة الـ100، قد تبدأ العمل في الهند. وحتى إذا ترددت هارفارد، لن تتردد معاهد أخرى مثل جامعة تكساس في أوستين، ومعهد جورجيا للتكنولوجيا، أو ربما واحد من المعاهد في سنغافورة القريبة. وأتخيل أيضاً أن المعاهد التي ستفتح أبوابها للتوسع في الهند، ستتعزز سمعتها كثيراً أيضاً. فالهند، وجنوب آسيا بصفة أعم، تشهد انفجاراً هائلاً من المواهب في مجالات متعددة. فهناك «صندار بيتشاي» الذي يدير شركة «ألفابت» و«جوجل»؛ و«ساتيا ناديلا»، الذي يدير مايكروسوفت؛ و«أبهيجيت بانرجي»، الذي فاز في الآونة الأخيرة بجائزة نوبل للاقتصاد. وهناك «فيشي آناند»، وهو أحد كبار لاعبي الشطرنج في العالم، والكتاب الهنود شهيرون حول العالم، وإلى جانب هؤلاء كثيرون آخرون. 
والجامعات التي تفتح فروعاً كبيرة في الهند ستصبح، من ثم، من أفضل الجامعات في العالم - ليس من أهم 100 جامعة، بل من أهم 50 جامعة. وقد تجد الهند نفسها في وضع يشبه كثيراً ما كانت عليه الولايات المتحدة عام 1900، حين كانت معظم الجامعات الأميركية والباحثين في الولايات المتحدة متأخرين عن نظرائهم في أوروبا، لكن بعد عقود قليلة، فحسب، تفوقوا عليهم. والضغوط التنافسية قد تحرك الأوضاع، ومعاهد القمة ذاتها- بعد أن ترددت في بداية الأمر في دخول الهند- قد تجد نفسها منجذبة إلى هناك. 
وقد يتساءل المرء إذا ما كانت الهند بحاجة بالفعل إلى كل أفرع الجامعات الأجنبية تلك، في الوقت الذي لديها فيه بعض من المعاهد الراقية الخاصة بها مثل المعاهد الهندية المختلفة للتكنولوجيا؟ وأتصور أن بعض مؤسسات التعليم العالي الهندية ستتحسن وستجبر بعض المنافسين- هل نقول مثلاً جامعة كاليفورنيا في بيركلي- على مغادرة البلاد؟ لكن كثيرين من الهنود الموهوبين سيجدون في حضور فرع من جامعتي هارفارد أو يل خياراً محفزاً. بالإضافة إلى هذا، ربما تشكل معاهد القمة الأجنبية تحالفات مع المؤسسات الهندية، كما فعلت «يل» في سنغافورة، مما يقدم للطلاب أفضل ما في العالمين، بل قد يصبح هذا المستقبل أفضل! فمع مرور الوقت، سيتزايد عدد الخريجين الهنود من الجامعات الأميركية المرموقة، مقارنة بالذين درسوا وتخرجوا في أميركا. وبالتالي، ستصبح معاهد القمة الأميركية محركات لتوفير فرص. وقد يتضح أيضاً أن الطلاب الذين درسوا في أميركا أضعف أداء ممن درسوا في الهند. أهناك طريقة أفضل لإشعال نار المنافسة في المؤسسات المهيمنة حاليا؟ وربما يفضل بعض من أكثر الطلاب الأميركيين طموحاً وذكاء الدراسة في الهند على الدراسة في أميركا. ألن يوجد هناك طالب يريد الدراسة وسط أفضل نظرائه، مع العلم أنه قد يجلس إلى جانب الجيل التالي من أينشتاين وفون نيومان وأيضاً رامانوجان، بالتأكيد؟ 

وأفضل شيء أن المعاهد الأميركية في القمة ستدعم نفوذ ومكانة مؤسساتها إجمالاً، وهي تفتح أبوابها أمام المزيد من الطلاب. ونجاح «برينستون مومباي»، على سبيل المثال، قد يؤدي إلى «برينستون» أكبر في ولاية نيوجيرسي. فإذا كان بوسعها قبول عدد كبير من الطلاب المؤهلين من كيرالا، ألا يستتبع هذا أنه بمقدورها أيضاً قبول المزيد من التلاميذ عالي الكفاءة من ضواحي ميريلاند؟ أو حتى من ديترويت؟ وكما قلت، فكل هذا حلم. وحدوث توسع في الهند ربما يكون أفضل شيء يحدث للتعليم الأميركي والبريطاني العالمي في هذا القرن. وربما تكون الخطوة التالية هي ظهور مقر لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا في لاجوس النيجيرية!
*أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون. 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»