النقاش حول عودة الطلاب والطالبات للمدارس، أصبح حديث الساعة في كل دول العالم، وهو حوار مفتوح في المجتمعات، وبينما تضع المدارس خطط إعادة فتحها، تظهر تساؤلات أهمها: كيف سيكون حضور الطلاب على دفعات؟ وهل هو خليط بين التعليم عن بعد والحضور المدرسي أم حضور كامل؟ وماذا عن سن الأطفال الذي سيعودون للمدرسة قبل الآخرين؟ وكيف ومتى سيتم إجراء الفحص لأطقم العمل؟

ويتساءل الأهالي: هل سيتم فحص العاملين في النظام المدرسي ككل من أبسط الوظائف إلى أعلى الهرم الإداري؟ فهناك أصحاب الوظائف التشغيلية في أسفل الهرم الوظيفي، كالقائمين على الصيانة والتنظيف وغيرهم من الأطقم الذين يعيشون في تجمعات سكانية لا تمثل البيئة المثالية، وكم مرة سيتم فحصهم؟ وهل هذا كاف لطمأنة الأهالي، ونحن نعلم أن ثقافة الالتزام بقوانين الوقاية من كوفيد-19 والإجراءات الاحترازية، تتراوح ما بين الممتازة إلى الضعيفة، بل الكارثية لدى بعض الموظفين وأهالي الطلاب! ومن يستطيع وقف العدوى في ظل التنقلات الجماعية للطلاب والعاملين؟ وكيف نمنع العدوى من الانتقال من البيت إلى المدرسة أو العكس؟
نعم إن تكلفة حضور الطلاب في عالم افتراضي رباعي الأبعاد مُكلفة، ولكنها تجربة أقرب للواقع المدرسي الحقيقي، وبالإمكان تطوير هذه المنظومة، ليشعر الطالب من خلالها أنه بالفعل حاضر بين أقرانه في الفصل الدراسي، وأيضا طرح حلول ذكية كثيرة، ولم لا؟ ففي البيوت هناك شخص أو أشخاص هم من بين الأكثر عرضةً للخطر إذا ما أصيبوا بالفيروس، وهل توجد خريطة توعوية افتراضية تفاعلية لأولياء الأمور، لمعرفة إذا ما كانت مدارس أبنائهم الطلبة ليست في المناطق الأكثر انتشاراً للفيروس التاجي؟ ونسبة إصابة وتعافي أهالي الطلاب والعاملين في كل مدرسة؟ وهل هم يعملون في مهن احتمالية الإصابة فيها بالعدوى مرتفعة؟
فلماذا لا يتم بدايةً فتح المدارس بالمناطق الجغرافية الأقل في معدل الإصابات وفرص الإصابة كتجربة، وأن يتم التدرّج في فتح المدارس، من خلال فتح فصول تجريبية في كل مرحلة، وزيادة الأعداد والنسب خلال شهرين تجريبيين، يُقاس فيهما الأداء والوضع بصورة علمية، لكون الكثير من الأطفال لا تظهر عليهم أية أعراض، على الرغم من إصابتهم، وبالرغم من أنه لا يوجد دليل بعد على حالات تفشٍ كبيرة مرتبطة بانتقال العدوى في البيئة المدرسية، ولكن ذلك كله يرتبط بالمجتمع وثقافته وممارساته ووضعه الصحي العام.
وهل يكفي تعليم الأطفال كيفية غسل أيديهم بشكل صحيح وأدب السعال والعطاس والكحة؟ وماذا عن مرافقهم المستخدمة ومخالطتهم لأقرانهم؟ ومن يستطيع السيطرة على سلوك الأطفال؟ ومن سيمنعهم من أن يكونوا أطفالاً؟ وكم مرة في اليوم سيغيرون الأقنعة الواقية؟ وأين هي الحقائق والدراسات العلمية التي تقول إن ارتداء طفل بسعة رئتيه الصغيرتين، ووضع بدني وصحي غير مثاليين وتغذية غير ملائمة- هذا وإن لم يكن يعاني من أحد الأمراض المزمنة – لكمامة لمدة زمنية طويلة خلال اليوم المدرسي هو أمر مقبول؟ وهل نعلم عواقبه المستقبلية؟!

كون الأطفال أسرع في معدل التعافي، فذلك لا ينفي حقيقة أنهم المساهمون الرئيسيون في انتشار الفيروس التاجي داخل المجتمعات في شتى أرجاء العالم، وبالتالي ما مدى فعالية الأقنعة في الحفاظ على المدارس، وجعلها في مأمن مع كل إجراءات التعقيم والنظافة الأخرى؟ وما هي آلية ضمان تقليل الاتصال وزيادة المسافة البدنية بين الأطفال؟ والأثر النفسي لحدوث الإصابات في البيئة المدرسية؟ وهل العودة إلى المدارس تتعلق فقط بالحماية الفردية، أم هي حماية وثقافة السكان في المجتمع ككل؟

*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات.