إحدى قواعد التنبؤ الجيدة جداً في عهد فيروس كورونا تتمثل في أخذ كل ما يقوله مسؤولو إدارة ترامب وافتراض أن عكسه هو الذي سيحدث. فحينما أعلن ترامب في فبراير الماضي أن عدد الإصابات بالفيروس سينخفض قريباً إلى الصفر، فإنه كان يُجدر بنا أن نعلم أن وباءً ضخماً قادماً. وحينما شدد نائب الرئيس مايك بنس في منتصف يونيو الماضي على أنه «ليست هناك موجة ثانية من فيروس كورونا»، كان من الواضح أن ارتفاعاً ضخماً في الإصابات الجديدة والوفيات كان وشيكاً. 
وحينما أعلن «لاري كودلو»، كبير مستشاري الإدارة الاقتصاديين، الأسبوع الماضي فقط أن «تعافياً اقتصادياً على شكل حرف V» في الطريق، كان من المتوقع أن الاقتصاد سيتباطأ. 
يوم الجمعة الماضي، ظهر تقرير رسمي حول الوظائف لشهر يوليو، غير أن عدداً من المؤشرات الخاصة، مثل التقرير الشهري من شركة معالجة البيانات «إيه دي بي»، يشير منذ الآن إلى أن المكاسب السريعة في التوظيف لشهري مايو ويونيو، كانت مجرد تعاف مؤقت، وأن نمو الوظائف تباطأ كثيراً. 
ولكن الأمور يمكن أن تنحو منحى أسوء بكثير. بل إنها ربما ستصبح أسوأ بكثير إذا لم يتعقّل «الجمهوريون» ويتحلوا بالجدية بشأن حزمة إغاثة اقتصادية أخرى، والإسراع في القيام بذلك. 
لا أعرف كم من الناس يدركون أن ركود فيروس كورونا لعام 2020 كان يمكن أن يكون أكبر وأشد. وقد كان فظيعاً بالطبع: إذ انخفضت الوظائف، وتراجع الناتج المحلي الخام الحقيقي بنحو 10 في المئة. غير أن كل ذلك تقريباً كان يعكس التأثيرات المباشرة للوباء، الذي أرغم معظم الاقتصاد على الإغلاق. 
وما لم يحدث هو جولة ثانية كبيرة من الخسائر في الوظائف بسبب تراجع طلب المستهلك. ذلك أن ملايين العمال فقدوا مداخيلهم المعتادة، ومن دون مساعدة فيدرالية، كانوا سيضطرون لخفض إنفاقهم، ما كان سيتسبب في فقدان ملايين الأشخاص الآخرين لوظائفهم. ولحسن الحظ، تدخل الكونجرس وأتى بمساعدة خاصة للعاطلين عن العمل، دعمت إنفاق المستهلك وأبقت على الأجزاء غير الخاضعة للحجر الصحي من الاقتصاد حية.
الآن انقضت تلك المساعدة. فاقترح «الديمقراطيون» مخططاً قبل أشهر للإبقاء على المساعدات، ولكن «الجمهوريين» لا يستطيعون حتى الاتفاق بين أنفسهم على اقتراح مضاد. وحتى إذا تسنى التوصل لاتفاق – ولا يوجد أي مؤشر على أن ذلك وشيك – فإن المال لن يصل إلى المحتاجين إليه إلا بعد أسابيع. 
المعاناة بين الأسر التي انقطعت عنها المساعدة ستكون كبيرة، غير أنه ستكون ثمة أيضاً أضرار كبيرة ستلحق بالاقتصاد كله. فكيف سيكون حجم هذه الأضرار؟ قمتُ ببعض العمليات الحسابية، وكانت النتيجة مخيفة. 
فخلافاً للأميركيين الميسورين، فإن العمال ذوو الأجور المنخفضة في معظمهم الذين انتهت المساعدات التي كانوا يتلقونها لا يستطيعون التخفيف من تأثير الأزمة عليهم من خلال اللجوء إلى مدخرات أو الاقتراض. وبالتالي فإن إنفاقهم سينخفض بشكل كبير. والمؤشرات الخاصة بالتأثيرات الأولية لمساعدات الطوارئ تشير إلى أن انقضاء المساعدات سيؤدي إلى انخفاض إجمالي إنفاق المستهلك – وهو المحرك الرئيسي للاقتصاد – بأكثر من 4 في المئة. 
وفضلاً عن ذلك، تشير المؤشرات من سياسات التقشف التي تعود إلى حوالي عشر سنوات مضت إلى تأثير «مضاعف» مهم لذلك، نظراً لأن انخفاض الإنفاق يؤدي إلى انخفاض المداخيل، ما يؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الإنفاق. 
وإذا جمعنا كل هذه العوامل بعضها مع بعض، فإننا نجد أن انقضاء المساعدات الطارئة يمكن أن يؤدي إلى انخفاض بـ4 إلى 5 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي. ولكن انتظر، فهناك المزيد. ذلك أن الولايات والمدن أيضاً توجد في وضع سيء جداً، وبدأت التخطيط لخفض قاس للإنفاق، ولكن «الجمهوريين» يرفضون تقديم المساعدة، إذ يشدد ترامب، على نحو مخالف للواقع، على أن الأزمات المالية المحلية لا علاقة بها بكوفيدـ 19. 
والحال أن على المرء أن يضع في عين الاعتبار أن فيروس كورونا نفسه – وهو صدمة مباغتة، على الرغم من أن الولايات المتحدة أساءت تدبيرها – قلّص الناتج المحلي الإجمالي بنحو 10 في المئة «فقط». وما نشهده حالياً قد يكون صدمة أخرى، نوع من موجة اقتصادية ثانية، قاسية من الناحية المالية مثل الأولى. ولكن خلافاً للوباء، يمكن القول إن هذه الصدمة تلد نفسها بنفسها تقريباً، بسبب ضعف الإدارة.
السؤال هو: كيف يمكن حدوث هذا الأمر؟ فأزمة 2008 المالية والتعافي الاقتصادي البطيء الذي أعقبها ليسا ببعيدين عنا، وقد علّمانا دروساً قيّمة لها علاقة مباشرة بمحنتنا الحالية. وقد أثبتت التجربة في تلك الأزمة، على كل حال، أن فترات الكساد الاقتصادي ليست مناسبة للقلق بشأن الاستدانة وأن خفض الإنفاق في زمن البطالة الجماعية خطأٌ فادحٌ. 
ولكن يبدو أن لا أحد في البيت الأبيض أو الجانب «الجمهوري» من الكونجرس قد تعلّم شيئاً من تلك التجربة. بل إن عدم تعلم أي شيء من الأزمة الأخيرة يكاد يبدو شرطاً ينبغي توافره في المستشارين الاقتصاديين «الجمهوريين». 
*أكاديمي أميركي حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» 
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/08/06/opinion/coronavirus-us-recession.html