في شهر أغسطس من عام 1945، تغيّر العالم عندما فجّرت الولايات المتحدة أولى القنابل الذرية في اليابان. كانت التفجيرات «الخيار الأقل بغضاً»، وفقاً لما ذكره وزير الحرب آنذاك «هنري لويس ستيمسون». وأنهت هذه التفجيرات الحرب مع اليابان. لكن الحقيقة كانت أكثر تعقيداً من ذلك.
في كتابها بعنوان «التداعيات: طمس الحقيقة عن هيروشيما والمراسل الذي كشفها للعالم»، تذهب الصحفية «ليزلي إم إم بلوم» وراء كواليس التقرير الذي أعده الصحفي «جون هيرسي» عن هيروشيما ونُشر في مجلة «نيويوركر» عام 1946. هذا الكتاب ليس إعادة صياغة لتقارير هيرسي، وإنما هو تفكيك للديناميكيات بين هيرسي، ومحرره «ويليام شون»، ومؤسس نيويوركر «هارولد روس»، مما جعل نشر المقال ممكنا.
في عام 1946، كان من الجرأة لأي مطبوعة أن تنقل ما حدث للضحايا في اليابان. وكما أفاد هيرسي وصحيفة «نيويوركر»، كانت هناك حاجة لإلقاء الضوء على ما كان يحدث على الأرض مقابل ما كان يسمعه الأميركيون من التقارير الحكومية الأميركية. وغالباً ما ننسى أن التفجيرات أودت بحياة 42,000 من سكان هيروشيما على الفور، وتركت في أعقابها سلسلة من الوفيات والآثار الصحية الناجمة عن الإشعاع. وقد أبانت حسابات هيرسي عن عدد من الوفيات يصل إلى مئات الآلاف.
إحدى القصص التي تتتبعها بلوم هي قصة هيرسي نفسه، والذي كان مراسلاً شاباً عندما تناول هذا المشروع. يمكن قراءة كتاب «التداعيات» بسهولة مثل قصة إثارة تاريخية، ترسم مسار عمل هيرسي وتقاريره من وجهة نظر الضحايا.
ومثلما كانت للقنابل عواقب كارثية وتأثيرات هائلة، كذلك قصة هيرسي التي تسببت في انفجاراتها الخاصة. وتتعمق بلوم فيما يحدث عندما كشفت وسائل الإعلام -التي كانت مؤسسة أقل قوة بكثير مما هي عليه الآن- تستر الحكومة. وفي وقت لاحق، كان سيتم نشر مقالة هيرسي ككتاب حول ما تعنيه التفجيرات، وقد حددت لهجة النقاش حول مستقبل الحرب النووية.
كما تذكر المؤلفة أن هذه المناقشة كانت تتكشف قبل فترة طويلة من ظهور دورة الأخبار على مدار 24 ساعة ووسائل التواصل الاجتماعي. لم يكن هناك فيسبوك أو تويتر لتسليط الضوء على لقاءات هيرسي في اليابان مع الناجين. في عام 2020، ستكون هناك مدونات ومقابلات ورؤى من النقاد بالإضافة إلى أصوات الناجين في اليابان.
من المهم أيضاً أن نرى أن المقالة التي نُشرت في مجلة «نيويوركر» ستظل إلى الأبد جزءاً من رواية الحرب وخسائرها.
وبصفتي من محبي التاريخ، أجد أن كتاب «التداعيات: طمس الحقيقة عن هيروشيما والمراسل الذي كشفها للعالم»، يعطي رؤى قويةً حول الطريقة التي يمكن أن تنسج بها أي حكومة قصةً لتبرير الإجراءات التي تتخذها، وكذلك حول التقارير الجريئة حول ما حدث بالفعل في هيروشيما. تقدم تقارير بلوم الدؤوبة سياقاً مهماً لشريحة غير مدروسة من تاريخ الولايات المتحدة. حتى بعد مرور 75 عاماً من تفجيرات هيروشيما وناجازاكي، يحلل عملها وكتابات هيرسي بطريقة نقدية كيف تم تذكر التفجيرات في تاريخ أميركا والعالم. والأهم من ذلك، أنهم يتساءلون عما إذا كان هناك شيء يمكن أن يبرر حقاً القيام بقصف نووي آخر.

*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»