«إن على الإعلام ألا ينساق وراء وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها ببساطة منعدمة المسؤولية، وسهلة بلا شروط مهنية، وبالتالي ستصيبه عدوى الجاهزية دائماً، فلغته الراقية سيصيبها العطب، والطرح المهذب والعميق الذي  تنتهجه، يمكن أن يلحق به الضرر، لما تقدمه الأخرى من سفاسف الأمور وقشورها وضحالتها»، تلك فقرة كتبتها قبل ثلاثة أيام من سلسلة كتابات تحييد الإعلام التقليدي  المؤسساتي عن «الإعلام» الجاهز والسريع والمرتجل والفردي، وغير المسؤول، وهو «إعلام» وإعلان «الفاشينستا»؛ لأن الإعلام التقليدي مبني على مسؤولية مجتمعية، وهو المنافح عن القضايا الوطنية، وهو المنوط به الإرشاد والتوجيه وبث الوعي بين الناس، عن «الإعلام» الرخيص الذي وفرته الهواتف الذكية وبعض المنصات الرقمية، والذي لا يتبع لمرجعية بعينها يمكن أن نقاضيها في حال الإخلال والضرر، خاصة وأن مصائبه بدأت تكثر، فمن غسيل الأموال الكبيرة في الكويت، وفضيحة الصرعات الإعلامية الرقمية التي تعتمد على باب دكان صغير مفتوح في غرفة نوم أو تحت الدرج، وبث مباشر وعلني تقوم به فتاة فاتنة أو شباب ميّال حَيّال للمتابعين والمغرر بهم وغير المتخصصين وفئات الشباب الصغار، بطرق احتيالية إغوائية إغرائية، إلى فضائح أخرى حدثت في مدن عربية عديدة بأشكال مختلفة، رجّت المجتمعات.
واليوم ونحن نعيش في فترة أزمة متجددة بسبب الوباء، وحالات طوارئ، وظروف استثنائية، وشبه فوضى في حياتنا الاجتماعية، وضبط إيقاع وتيرتها، وجهود حكومية حثيثة ومتسارعة على الصعد كافة لتطويق أزمة الوباء، والخروج ببيئة نظيفة ومتعافية، نحن أحوج ما نكون إلى إعلام رزين وحكيم وعاقل ويقيس الأمور بمنظور من المهنية والمسؤولية، لا نقبل أن يتطفل علينا «إعلام» دخيل يفرح بالسرعة والسبق، بينما يتعثر في الوقائع والحقائق، ويساهم في الأزمات بشكل سلبي؛ لأن الدول في فترات الحروب والأزمات الوطنية، تختلف فيها الضوابط، وتتغير المفاهيم، وتعاد صياغة بعض المصطلحات وفق الظرف الموضوعي، فالمخزون من القمح والمياه والمواد الغذائية يبقى سراً استراتيجياً وطنياً، لا يباح به، وأحكام الدعاية المغرضة تزيد، وبث ونشر الإشاعات في المجتمع تتصاعد أحكامه، تغدو الأمور كلها التي تعمل ضد المجتمع والوطن شبيهة بجرم التخابر مع جهات أجنبية عدوّة.