خلافاً لما كان عليه الأمر في نسخة العام الماضي، حيث خفقت قلوبنا كثيراً، ونجومنا العرب يطاردون حلم التتويج بأمجد الكؤوس الأوروبية، قبل أن يستقر التاج الأوروبي فوق رأس فخر العرب، «الفرعون الصغير» محمد صلاح، فإن نهائي النسخة الحالية لدوري الأبطال يخلو من النجوم العرب، فلا محمد صلاح أفلح مع «الريدز»، في تفادي الإقصاء من الدور ثمن النهائي أمام أتلتيكو مدريد، ولا رياض محرز نجح مع «المان سيتي» في كسر شوكة أولمبيك ليون، ولا حكيم زياش أعاد مع طيور أياكس التحليق في مدارات الإبهار، كما فعل العام الماضي، قبل أن يقرر الرحيل صوب مسارح «البريميرليج».
إلا أن العوض سيكون في «أوروبا ليج»، فهذه المسابقة وإن بدت أقل جاذبية جماهيرياً وإعلامياً من دوري الأبطال، إلا أن نهائيها المرتقب غداً الجمعة في كولن الألمانية، سيكون موعداً كروياً لن يخلفه العرب، بوجود المغربيين ياسين بونو ويوسف النصيري بصفوف فارس الأندلس نادي إشبيلية، الذي سيسعى لإحراز كأس «أوروبا ليج» للمرة السادسة في تاريخه.
هي المصادفة، التي جمعت بين الأسدين الأطلسيين في قلعة إشبيلية، ويوسف النصيري أمضى نصف موسمه في ليجانيس متعطشاً للنافورات السحرية، قبل أن يرتقي إلى مصاف كبار «الليجا» في «الميركاتو الشتوي»، وياسين بونو جاء إلى إشبيلية معاراً من جيرونا، وأبداً لم تكن المصادفة هي ما أوصلت الأسدين معاً للمرتبة الأساسية في الفريق الأندلسي، والحارس بونو أحسن استثمار فرصة القبض على الرسمية، ليصبح فاعلاً مباشراً في الارتقاء الرائع لناديه إلى النهائي الأوروبي، ويوسف النصيري بالعمل الجاد أقنع مدربه لوبيتيجي بترسيمه، مفضلاً إياه على خريج المدرسة الهولندية دي يونج.
ولئن كانت أجراس أوروبا قد دقت مع لاعبين مغاربة من صنع أوروبي خالص، من حكيمي خريج مدرسة ريال مدريد، إلى زياش الهولندي الصنعة والحبكة، فإن بونو والنصيري الموجودين في النهائي الأوروبي، هما صناعة مغربية خالصة، وبونو هو ابن شرعي لنادي الوداد، ومن حدسوا منذ سنوات أنه سيمضي على خطى الأسطورة الزاكي بادو لم يخطئوا، ويوسف النصيري خريج أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي نجحت في تأهيل جيل كامل من اللاعبين المميزين، بينهم الشاب نايف أكرد المنضم حديثاً إلى ليل الفرنسي، وحمزة منديل مدافع نادي شالكه الألماني.
توقفت الأندية المغربية لأكثر من عقد من الزمن، عن تصدير جواهرها للاحتراف الأوروبي، ليس بسبب انطفاء جذوة الإبداع في المغرب، ولكن لأن نمطية استوطنت منظومة التكوين، فحالت بينها وبين التطابق مع المقاسات العالمية الجديدة المبتكرة في مصانع التميز والجودة بأوروبا، ما باعد بين اللاعب المغربي وبين التقليعات التكتيكية الجديدة والمقاسات البدنية والذهنية الموضوعة لبلوغ المستويات العالية.