أصدرت منظمة الصحة العالمية تحديثاً للإرشادات الخاصة بكيفية وسبل رعاية المصابين بفيروس كورونا في منازلهم. وتهدف هذه الوثيقة الهامة إلى توجيه وإرشاد العاملين في قطاع الصحة العامة، والمعنيين بجهود الوقاية للتحكم في العدوى، بالإضافة إلى مديري المؤسسات الصحية، وغيرهم من أفراد الطواقم الطبية الذين يوفرون الرعاية الصحية على المستوى المجتمعي.
وتتضح أهمية الرعاية المنزلية لمرضى «كوفيد-19» للأشخاص المؤكدة إصابتهم، أو حتى المشتبه في إصابتهم، في الأوقات التي لا تتوفر فيها الرعاية اللازمة في المؤسسات الصحية، بسبب تخطي أعداد المرضى للقدرة الاستيعابية لتلك المؤسسات، كما حدث في بدايات الوباء، عندما رزحت نظم الرعاية الصحية تحت ضغط هائل وسيل من المرضى، وأيضاً خلال الفترة التي يحتاج فيها المريض المتماثل للشفاء للاستمرار في تلقي الرعاية بعد خروجه من المستشفى. 
ورغم أن رعاية المصاب بفيروس «كوفيد-19» في المنزل، بدلاً من المؤسسات الصحية المتخصصة، يحمل في طياته خطر التسبب في عدوى باقي القاطنين في المسكن، فإن اتباع الإرشادات الصحيحة، واتخاذ الإجراءات السليمة لعزل هؤلاء المصابين في منازلهم، يمكن أن يلعب دوراً محورياً في كسر سلسلة العدوى، وفي وقف انتقال الفيروس من شخص إلى آخر.
ويعتمد اتخاذ القرار على توفير الرعاية الصحية للشخص المصاب بالفيروس في منزله، بدلاً من المستشفى، على ثلاثة عوامل رئيسية، أولها: التقييم الإكلينيكي السليم للمريض، وثانيها: التقييم التفصيلي للاستعدادات والتجهيزات المتوفرة في المنزل، وثالثها القدرة على متابعة المريض وتقييم حالته الصحية باستمرار خلال فترة تلقيه الرعاية في المنزل. 
وإذا ما خصصنا بالحديث هنا التقييم التفصيلي للظروف المنزلية، فلابد أن يتم ذلك من خلال أحد أفراد الطاقم الطبي المدربين على ذلك، لتحديد ما إذا كانت البيئة المنزلية مناسبةً للعزل وتوفير الرعاية المطلوبة، مثل توفر المستلزمات والاحتياجات الضرورية، كوسائل التعقيم والتنظيف، والقدرة على الالتزام بالقيود على الحركة، واستقبال الزوار.. وغيرها.
وهناك جانب آخر مهم للرعاية المنزلية لمرضى «كوفيد-19»، يتعلق بتوفير الرعاية الصحية للمضاعفات طويلة المدى للمرض، أي بعد الشفاء من العدوى. فحسب المعرفة المتراكمة خلال الشهور الماضية، من المثير للدهشة بشكل كبير، طول الفترة التي تلازم خلالها أعراضُ المرض المصابين، ففي البداية كان يعتقد أن فترة النقاهة بعد الشفاء من «كوفيد-19» تستغرق أسبوعاً أو أسبوعين، لكن اتضح أن العديد من المرضى ظلت الأعراض تلازمهم خلال فترة النقاهة، ولفترة قد تستمر لثمانية أو عشرة أسابيع، وقد تختفي الأعراض لتعود لاحقاً. وهي الفترة التي يمكن للرعاية المنزلية أن تلعب خلالها دوراً مهماً، وخصوصاً على صعيد تخفيف الضغط على مؤسسات الرعاية الصحية، والتي يجب أن توجه مواردها وإمكانياتها للتركيز على رعاية المرضى الذين يعانون من المضاعفات الخطيرة والحادة للمرض.


*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية