يشير جدول أعمال اجتماع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أول من أمس الاثنين، مع فريق ملف الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، إلى المسافة التي قطعتها دولة الإمارات العربية المتحدة على الطريق نحو المستقبل، حيث خُصّص الاجتماع لإطلاع سموه على الخطط المستقبلية لحكومة الإمارات في ثلاثة مجالات مترابطة تحظى باهتمام متزايد في الدولة، وهي: الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، وتطبيقات العمل عن بُعد. وهو اهتمام تجلَّى في استحداث هذا الملف ضمن التشكيل الحكومي الأخير، الذي تم اعتماده في يوليو الماضي، ليتولى معالجة هذه الملفات الثلاثة، وتطوير العمل فيها تحت إشراف مباشر ومتابعة دقيقة من جانب القيادة الرشيدة.
ويُؤسَّس العمل المستقبلي في هذه الملفات الثلاثة على التقدُّم المطَّرد للدولة فيها، وهو ما يعكسه تقدُّمها في كل التصنيفات والمؤشرات العالمية الموثوق بها ذات الصلة بتكنولوجيا المعلومات والحكومة الذكية والمشاركة الرقمية، ما أدى إلى دور ريادي لها في مجال تطوير الاقتصاد الرقمي وتعزيزه، إذ تُعدُّ الخطط المتكاملة التي وضعتها لتنمية هذا النمط الاقتصادي الحديث من بين دعائم تطوره، حيث يشير تقرير «آفاق الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية» الذي أصدرته «اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا» (الإسكوا) إلى أن «الخطط الرقمية الوطنية تُعدُّ حاسمة لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي اللازم لبلوغ أهداف التنمية المستدامة، وهذه الخطط هي أهم أشكال الدعم الاستراتيجي والسياسي من أجل تمكين الاقتصاد الرقمي من بلوغ قدراته الكاملة».
ويمثل التحول نحو الاقتصاد الرقمي هدفاً لدولة الإمارات تتقدَّم نحو تحقيقه بثبات. ووفق تعريف شبكة ديلويت، فإن الاقتصاد الرقمي هو «نشاط اقتصادي يربط بين ملايين الناس والشركات والأجهزة والبيانات والعمليات يومياً عبر الإنترنت. ويعدُّ الاتصال فائق السرعة هو عموده الفقري، ما يعني استمرار الزيادة في الاتصال بين الناس والمؤسسات والآلات عبر الإنترنت والهواتف المحمولة وإنترنت الأشياء». ويبدو واضحاً أن دولة الإمارات عملت على توفير الاتصالات فائقة السرعة بطرق متعددة، من أبرزها التخطيط منذ عام 2016 لإطلاق أول شبكة تجارية لاسلكية للجيل الخامس في أكتوبر 2020، لكنها نجحت في تحقيق هدفها في أقل من نصف المدة، بحلول مايو 2015. وحتى نهاية الربع الأول من العام الجاري نشر مشغّلو خدمة الهاتف المتحرك في الدولة 2200 محطة خاصة بشبكة الجيل الخامس.
وقد أضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، بطريقته الواضحة والسلسة، الكثير إلى تعريف شركة ديلويت السابق، حيث قال خلال الاجتماع، إن «الاقتصاد الرقمي لا يحتاج إلى منشآت ضخمة وموارد مادية هائلة. إنه يحتاج إلى عقول وأفكار وخيال فقط»، فإذا كان الاتصال الفائق السرعة هو الركيزة، فإن حيوية العقل الإنساني، وطاقاته اللامتناهية، وقدراته غير المحدودة على الابتكار وتوليد الأفكار، هي الخطوة التي لابدَّ منها، لكي يكون وجود الاتصال الفائق السرعة مثمراً. ويُترجَم مثل هذا الإدراك لدور العقل الإنساني إلى خطط مكتملة للاستثمار في الموارد البشريَّة الإماراتية، واستنفار طاقات التفكير والإبداع لديها، لتكون الركيزة الثانية لتطوير دور الاقتصاد الرقمي في الدولة، وتوسيع نطاقه.
وتتمثل أهم أنشطة الاقتصاد الرقمي بدولة الإمارات في التجارة الإلكترونية، إلى جانب الأنشطة والخدمات التي تؤثر تأثيراً مباشراً في زيادة أرباح الشركات، مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، والتقنيات الرقمية والروبوتات. وقد وصل نصيب دولة الإمارات إلى 18 في المئة من حجم الاقتصاد الرقمي في دول الخليج، فيما بلغ إسهامه 4.3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للدولة عام 2019. وقد أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلال الاجتماع، إلى أن تعيين وزير دولة لهذا الملف يهدف إلى مضاعفة الرقم الحالي. وهناك ثقة تامة بأن الدولة سوف تحقق هذا الهدف، حيث تفيد كل التجارب السابقة بأنها إذا قالت فعلت.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية