عندما يستمع المرء إلى حديث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، يشعر بسلاسة اللغة وهي تمر عبر الأثير، وكأنها الجدول الصافي، يعبر تضاريس الحياة ليغدق الأشجار بأخبار السحابة، وما جاشت به الثنيات من أشواق، تسطّر على تراب القلوب فكرة الانتماء إلى الكلمة، كواحة للطير، وحرز للصبر، ومسبار وعي يحلق بالأنام في فضاءات لا غبار فيها، ولا سعار، بل الكلمة التي تحط رحالها على رمال الذاكرة، لتحث، وتبث، وتنث، وتبعث برسائل للوجود، تعبر فيها عن السلام، لمن يرد السلام، وعن الوئام لمن يفتح للدنى صفحة ناصعة من غير سوء.
ما يتحدث به سموه، هو نفسه الحديث الذي تلهج به مهج العشاق، والذين في قلوبهم لوعة الحب، والسؤال الوجودي الكبير: متى يعود اتحاد الكتاب إلى المكان الذي تبوأه في سابق الأوان؟ سؤال يجيب عليه سموه بقوله: إننا وطن، صحيح أن بلادنا حديثة العهد في التكوين، ولكن من حيث العراقة، والإرث التاريخي، وبلاغة العقول، ونبوغ المواهب، والقدرة على صناعة المستقبل، إننا سبقنا الكثير من الأمم التي سبقتنا في الحضور على الأرض، كدول لها باعها الطويل في كثير من التفاصيل.
هذه الرؤية واسعة الحدقات، وهذه النظرة إلى أهمية اتحاد الكتاب كمؤسسة أهلية تطوعية، تجد الجميع ينحنون تقديراً، واعتزازاً لكل كلمة ينطق بها سموه، لأنها الكلمة التي تخرج من القلب لتصل إلى القلوب، كما تصل نثة الغيمة إلى شفة الأرض، وكما تصل أهداب الشمس إلى مرايا الأفئدة، وكما تصل الأحلام الزاهية إلى عيون العفوية، وكما تصل المشاعر الدافئة إلى الأرواح المتعلقة بخيوط الأمل الجميل، وكما تصل لمعة البرق إلى شغاف السحابات الممطرة.
ما تحدث عنه سموه هو المنوال، والموال، وهو السؤال الذي يطرق ذهن كل معني بالشأن الثقافي في بلادنا، وهو الطريق التي تبدو مثل الجدول إلى ما اجتمعت القلوب على كلمة سواء، تحدد مدى العلاقة ما بين الكلمة والصدق، وما بين الثقافة والإيمان بأهمية أن يكون صاحب القلم كالمحيط، تمر الأمواج عبره، ويبقى هو صامداً، يمنح السفن شهادة العبور، والوصول إلى مرافئ الأمان.
هذه الكلمات، هذه النبرة عالية الجودة، التي شعّت من وجدان سموه، لهي الومضة التي ستعبر بالاتحاد، تمضي «بالمتحدين» إلى الظل بعيداً عن الرمضاء.
نتمنى لاتحادنا التوفيق، والنجاح لكل من سيقود المرحلة بجد ونشاط، ومن دون اصطفاف ذاتي، ومن دون زبد، ولا كمد.