تقوم العديد من المصارف في الدولة بحملات توعوية للمتعاملين معها لتبصيرهم حتى لا يقعوا ضحايا لقراصنة المعلوماتية و«لصوص النت» الذين يتربصون بهم، ويتفننون في كل مرة بابتكار الجديد من الحيل والطرق لتحقيق غاياتهم.
ما استوقفني في هذه الحملات تحذيرات من هذه البنوك للمتعاملين لتجنب الوقوع في شراك الاحتيال عبر بطاقة شريحة الهاتف البديلة، جراء انتحال أولئك اللصوص «الإلكترونيين» لشخصية الضحية للحصول على شريحة هاتفية بديلة من مزود خدمة الاتصالات، ونصحتهم بعدم التردد في الاتصال والاستعلام من مزود الخدمة في حال حدوث انقطاع مفاجئ للشبكة الخلوية على الهاتف، وعدم التردد في تسجيل شكوى إذا ما تم إصدار بطاقة بديلة حفاظاً على الحقوق.
يستغرب المرء وقوع مثل هذه الحوادث رغم التشديدات التي تتبعها شركات تقديم الخدمات الهاتفية وهي تطلب من المتعاملين معها إبراز بطاقات الهوية والتبصيم ومن بعد التوقيع الإلكتروني عند طلب إجراء أبسط تغيير في عقد الاشتراك، بينما يتم استخراج «شريحة بديلة» بيسر كما تحذر منه الحملات التوعوية المصرفية أو تصوره لنا. فالأمر ليس كذلك ولا يجب أن يكون.
أتذكر واقعة نشرتها صحفنا المحلية قبل أكثر من عام لسيدة أعمال كانت في رحلة للخارج وعندما عادت وجدت أن رصيدها المصرفي خاوٍ رغم أنه كان عامراً بنحو أربعة ملايين درهم قبل سفرها، لتبدأ رحلتها بين أقسام الشرطة وأروقة المحاكم والمصرف الذي تتعامل معه ومزود الخدمة ليتم اكتشاف وجود أشخاص من الداخل في الشركة والمصرف خططوا وسهلوا للعملية برمتها، ولتخوض رحلة استعادة المال المسروق من العصابة، ولم نعرف بعد ما إذا كان استعيد أم لا؟.
الثغرات يجب أن تسدها البنوك بنفسها من حيث التدقيق وحسن اختيار العاملين لديها ومتابعة ظروفهم، وفي الوقت ذاته تفعيل آلية أكثر سرعة ومتنوعة لإبلاغ المتعامل بأية تغييرات تطرأ على حسابه، وكذلك التعامل المسؤول من قبل أقسام الاتصال في المصارف مع المتعاملين. فهناك مراكز اتصال تجبر المتصل على الانتظار لفترات طويلة بحجة أن الجميع مشغولون ووجود ضغط عليها، ولكنها مبررات غير كافية في وقت يتطلب فيه الأمر سرعة في التحرك والتفاعل لحماية حسابات المتعاملين وليس إبداء الأسف والحسرة بعد وقوع عملية النصب وإتمامها في غضون دقائق معدودات بكل يسر واحترافية، بينما الأسطوانة المشروخة لمراكز الاتصال تردد «مكالمتك تهمنا»!!.