سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة نجاحاً مشهوداً في التصدي لجائحة «كوفيد-19»، ويعود ذلك إلى مجموعة من العوامل، التي يتصدّرها دور القيادة الرشيدة في حشد الطاقات الوطنية جميعها، ومتابعتها ودعمها لكل المؤسسات والجهات، التي شاركت في هذه الملحمة الوطنية، وكانت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، «مركز التحكم والسيطرة لمكافحة فيروس كورونا» في دبي، يوم السبت الماضي 15 أغسطس 2020، أحد المظاهر الواضحة لهذا الدعم والاهتمام.
لقد عبَّرت هذه الزيارة الكريمة، عن أعلى درجات التقدير لمقاتلي الخطوط الأمامية في معركة «كوفيد-19» الصعبة، وما تحظى به تضحياتهم وتفانيهم في أداء واجبهم، من احترام لدى القيادة الرشيدة والمجتمع على حدٍّ سواء، وانطوت كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خلالها على احترام لا حدود له لجهود العاملين في المركز، ولكل المشاركين في مواجهة «كوفيد-19»، وثقة عالية بهم، إذ قال سموه: إن «الأداء البطولي المتميز لكل الفِرق الوطنية، التي شاركت في التصدي لهذا التحدي، هو مصدر فخر لكل إماراتي وإماراتية.. نشدُّ على يد الجميع لمواصلة العمل بذات الروح والهمة العالية، لتجاوز هذه المرحلة في أقرب وقت إن شاء الله». 
إنشاء «مركز التحكم والسيطرة» ذاته، كان خطوة مهمة على طريق مواجهة الفيروس الذي اجتاح العالم، ذلك أن قيادة دولة الإمارات أدركت منذ البداية أن المهمة لا تقتصر على مؤسسة صحية أو طبية بعينها، وأن من الضروري أن تشارك في تحمُّل المسؤولية كل الجهات ذات الصلة، بما في ذلك مؤسسات القطاع الخاص، ومثل هذا الفهم المبكر الذي يقوم على دراسة علمية شاملة لأبعاد الموضوع، هو ما جعل فكرة التنسيق بين المؤسسات المشارِكة في المهمة أمراً ضرورياً، ومن ثَم كان إنشاء «مركز التحكم والسيطرة» تحرُّكاً واعياً جاء في وقته المناسب.
لقد صدر قرار المجلس التنفيذي، بإنشاء المركز في 30 مارس 2020 - أي في وقت مبكر من انتشار «كوفيد-19» - برئاسة الدكتور عامر أحمد الشريف، مدير جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وعضوية المديرين التنفيذيين لكل من مؤسسة دبي للرعاية الصحية بهيئة الصحة في دبي، ومؤسسة بيانات دبي، وقطاع التنظيم الصحي بهيئة الصحة في دبي، وقطاع التنظيم الصحي في سلطة مدينة دبي الطبية، وممثل واحد عن كل من الجهات التالية: وزارة الصحة ووقاية المجتمع، والخدمات الصحية في شرطة دبي، وجهاز أمن الدولة بدبي، وجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، ومؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، وممثلون عن الشركات المورّدة للأجهزة والمعدات الطبية، والمستشفيات والمراكز الطبية في القطاع الخاص، والمختبرات الطبية وشركات الصيدلة، ومصنّعو الأدوية.
ومنذ إنشائه، لعب مركز التحكم والسيطرة دور المظلّة التي تُنسق جهود هذه المؤسسات جميعها، وتوجهها الوجهة الصحيحة، وتحدد سبل التعاون بينها، بحيث تحقق أعلى مردود ممكن، وعلى سبيل المثال، فقد أدى التعاون بين المؤسسات الصحية ومؤسسة «بيانات دبي» إلى تطوير «لوحة بيانات ذكية» في 3 يونيو 2020، لرصد ومتابعة انتشار الجائحة والجهود المبذولة للحد من انتشارها، واعتبرها المركز من «أهمّ أدوات دعم إدارة الأزمة وعمليات المركز، وأن هذا النهج ينسجم مع آلية عمله في التصدي للفيروس، المرتكزة على علمَي الأوبئة والبيانات».
إن تأمُّل تجربة مركز التحكم والسيطرة وغيرها من التجارب الناجحة، التي خرجت من رحم معركة التصدي لـ«كوفيد-19»، يكشف عن مواطن كثيرة للقوة والتميز في دولة الإمارات، وعن الطاقة الكامنة في مجتمعها النابض بالحياة، والقدرة على اجتياز الأزمات الصعبة والتحديات المعقدة بيُسر، وهو ما يعزز التفاؤل والثقة، بأن المستقبل يحمل في طياته كثيراً من النجاحات والإنجازات، التي أصبحت دولة الإمارات عنواناً لها.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية