يوم الخميس، عقد الرئيس دونالد ترامب اتفاق سلام تاريخياً بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة. بموجب هذا الاتفاق، من المنتظر أن يطبّع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية، ويبرما اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات، من قبيل الأمن والرعاية الصحية والطاقة. وغني عن البيان أن اتفاق سلام في الشرق الأوسط بهذه الأهمية، ظل مستعصياً على الرؤساء الأميركيين منذ توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والأردن في 1994. 
الاتفاق يُعد اختراقاً بالنسبة للمسلمين الذين يرغبون في المجيء بسلام من أجل الصلاة في المسجد الأقصى في القدس، الذي يُعد ثالث الحرمين في الإسلام. إذ ستسهّل رحلاتٌ جوية مباشرة بين البلدين زيارة الأقصى – وهو ما يُعد انتصاراً للتعددية الدينية، وقطيعة مع السردية الكاذبة التي يستخدمها المتطرفون، من أجل تعزيز صفوفهم، من أن المسجد يتعرض لهجوم. 
هذا الاتفاق كان ثمرة مفاوضات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، سهّلتها وقادتها الولايات المتحدة. ولكن التحول الاستراتيجي في السياسة، الذي تعهد به الرئيس ترامب قبل ثلاث سنوات ونصف، هو الذي أرسى أسس الاختراق الذي شهده العالم هذا الأسبوع. فالاتفاق ما كان سيكون ممكناً، لولا زعامة رئيس يرفض القيام بالأشياء بالطريقة القديمة نفسها، فقط لأن «تلك هي الطريقة التي كانت تتم بها الأمور دائماً». 
فعندما تولى الرئيس ترامب الرئاسة، كان الشرق الأوسط في حالة اضطراب شديد، حتى وفق المعايير المتدنية لمنطقة لطالما ابتُليت بالأخطار والعنف. إذ كان إرهابيو تنظيم «داعش» يسيطرون على منطقة في العراق وسوريا تناهز مساحة ولاية أوهايو؛ وكانت عملية السلام بين إسرائيل والعالم العربي متوقفة؛ وكانت إيران تنشر عدم الاستقرار من خلال وكلائها في اليمن والعراق وسوريا. 
وإلى هذه المنطقة كانت أول زيارة للرئيس ترامب إلى الخارج، كرئيس. وفي الرياض، أوضح الرئيس الخطوط العريضة لرؤيته لشرق أوسط أكثر سلاماً وأمناً وازدهاراً. ووصف لزعماء عشرات البلدان العربية والمسلمة منطقةً تزخر بإمكانيات هائلة، ولكنها ترتهن بالتطرف ونزاعات الماضي. 
وقد أدرك الرئيس ترامب أنه من أجل استغلال هذه الإمكانيات، تحتاج المنطقة لإعادة اصطفاف استراتيجية. ففي الشرق الأوسط الجديد، يجب على الدول أن ترسم مسارها بناءً على المصالح والقيم المشتركة، وليس بناء على الأحقاد والخصومات القديمة. كما أدرك الرئيس أن بناء هذا المستقبل يقتضي تغيير سياسة أميركية قبلت هذه العداوات التاريخية لوقت طويل جداً، بل وغذّتها أحياناً. 
لهذا، وبدلاً من مكافأة أعداء أميركا، تعهّدنا باحتضان شركائنا أكثر. وبدلاً من إلقاء الدروس على أصدقاء أميركا، التزمنا باتخاذ إجراءات قوية ضد شرور التطرف والإرهاب. وعقدنا العزم على السعي لتحقيق هذه الأهداف المرتكزة على حقائق اليوم، وليس على أشباح الماضي. 
وبعد ثلاث سنوات ونصف على ذلك، ما زالت عملية إعادة الاصطفاف الاستراتيجية تؤتي أكلها. فـ«خلافة داعش» دُمرت، وزعيمها المتوحش أبو بكر البغدادي قُتل. وإذا كانت إيران ما زالت دولة منبوذة، فإنها باتت مكبوحة أكثر من أي وقت مضى. وبفضل زعماء إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، خطا الشرق الأوسط خطوة كبيرة نحو مستقبل يستطيع فيه الناس من كل الخلفيات الدينية والعرقية، العيش معاً ضمن روح التعاون والسلام. 
في نهاية المطاف، الأمر منوط بشعوب الشرق الأوسط، كي تقرر المستقبل الذي تريده لأطفالها. فالولايات المتحدة لا تستطيع أن تختار نيابة عنها، ولا ينبغي لها ذلك. ولكن التقدم اللافت الذي تحقق على مدى السنوات الماضية، يمثّل دليلاً واضحاً على أن شعوب الشرق الأوسط باتت أخيراً على طريق مستقبل مشرق جداً. واليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يمكنها أن تعوّل على دعم الولايات المتحدة دائماً.
*كبير مستشاري الرئيس الأميركي 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»