التضامن والتعاطف الإماراتي رسمياً وشعبياً، وكذلك العربي والدولي الكبير مع لبنان في الكارثة الرهيبة التي ألمّت به مؤخراً، يعبر عن مكانة هذا البلد الشقيق الجميل، وإسهامه الحضاري الأجمل في مختلف المجالات والميادين.
كانت الإمارات كعادتها دائماً السبّاقة في مد يد العون في هذا الظرف العصيب، كما بادرت كل الدول والهيئات المحبة للبنان، وسارعت لتقديم يد العون والمساعدة في هذا الظرف المأساوي جراء تفجيرات مستودعات مرفأ بيروت، هذا المرفأ الذي لطالما كان شاهداً على عبور الحضارات المتعاقبة في بلاد الأرز والجمال، لكنه كان يوم الثلاثاء الحزين نقطة انطلاق شرارات مشاهد مؤلمة هزت القلوب والمشاعر، وهي تنزف دماً ودموعاً، وتنثر الخراب والدمار، مناظر أبكت الجميع لهول الواقعة. 
عجزت الكلمات، وتجمدت الدموع في العيون الزائعة إثر الفاجعة في بلد تعاقبت عليه الأهوال من كل الاتجاهات، دفع خلال السنوات القليلة الماضية ثمناً باهظاً لجماله وقدره، ومكانته في القلوب.
جاءت الكارثة المؤلمة لتعمق معاناة أهلنا في لبنان، وليتسابق كل الخيرين من أجل التخفيف عنه، والوقوف إلى جانبه، والتأكيد بأن مكانه دائماً في القلب والعلياء، لا في تخوم ومفازات العدم والحفر والأنفاق المظلمة التي أراد البعض أن يرهنه داخلها، ويدفع به نحو هاوية سحيقة.
لبنان كان دائماً عنواناً للحضارة والنور والضياء نقش اسمه عميقاً في التاريخ الإنساني، وبيروت التي تغنى باسمها الشعراء، وترنم بحبها العشاق بكت من وجع ما ألمّ بها من المرفأ، كما لم تبك من قبل حزناً وكمداً، وهي تعانق المجهول من جديد، وتخشى أن يكون الفاعل هذه المرة -كما مرات سابقة- مجهولاً. قدر هذه الأيقونة التي كانت ذات يوم من أكثر بلدان العالم رخاء وازدهاراً ومنارة علم وفكر وملاذاً للإبداع أن تخوض رحلة الشقاء والألم بحثاً عن الفرح الذي رحل كما ترحل النوارس.
بيروت «ست الدنيا» -كما أسماها العاشق الأكبر الراحل نزار قباني- ستنهض من وسط ركام وعجاج الخرائب كما العنقاء، وحتى ذلك الوقت نتساءل معه:
يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ...
مَنْ باعَ أساوركِ المشغولةَ بالياقوتْ؟
من صادَ خاتمكِ السّحريَّ، 
وقصَّ ضفائركِ الذهبيّهْ؟
من ذبحَ الفرحَ النائمَ في عينيكِ الخضراوينْ؟
من شطَّبَ وجهكِ بالسّكّين، 
وألقى ماءَ النارِ على شفتيكِ الرائعتينْ؟
من سمّمماءَ البحرِ، ورشَّ الحقدَ على الشطآنِ الورديّهْ؟