سلام على بيروت الناهضة من عثرة الحرائق والسواد. سلام لها من قلبي الذي اختزل حبها في نبضه وفي  خلايا الذاكرة التي لم تمح جمال ذكرياتي فيها عثرات الحياة والسنين. بيروت يا زهرة الفل التي تبث عطرها في الروح كلؤلؤ منثور على صدر فتنتها. بيروت التي تشع كقناديل الأفراح والأمل الذي لا تطفئه الحرائق. بيروت الجريئة الناهضة دوماً، التي لا تهاب الموت والغدر والدمار، الذي يترصد الناس في القرى والمدن والطرقات. سأحتفي بك يا بيروت كل يوم وكل صباح وليد، وأنت تنهضين سابغة غبطتَك على الناس والمحبين. سأحتفي بك بالحب والحلم والأمل. سأحتفي بصباياك وفتيانك وهم ينثرون مباهجهم  لإيقاظ التحدي عبر كل الفصول. سأحتفي برقة أرواحكم وقوة إرادتكم الناهضة من غبار اللهب. سأحتفي بكم تنهضون كما الشعاع من كهوف العتمة ووحول الهزائم والشجب والتهديد. وأنا موقنة أنكم سوف تهطلون على لبنان الجمال والتطور، كأمطار الخصب وأنهار السلام. وسوف تبعثون الفرح ورنين الصنوج وأهازيج الدبكات إلى جهات الأرض كلها. سأحتفي بكم أيها اللبنانيون وأبعث التعازي لكل من فقد أحباءه في قسوة الحرائق المجللة أسبابها بالغموض. وأبعث للجرحى القابعين في ظلمات الألم أجمل أمنياتي بالشفاء. لبنان يا لبنان، منذ زمن بعيد لم أذق لذة عسلك ورحيق زهرك. ولم أنم على وثير وسائدك وحرير أمنك وأنت  تتألقين كفتنة وتتمرجحين كالغواية وتتحدين المستحيل. بيروت يا مليكة القلوب والتراب والأشجار والماء والظلال والشوارع والبيوت. أيتها المتوجة بالعصيان والشموخ. تقدمي رشي أعتاب البيوت بالصنوبر والأرز والريحان، وأيقظي كل من لا يعرفك من غفوة كالعدم. أواه يا بيروت كم ادخرت رغبة أن أراك تلوحين لي مثل البريق، ومثل قبلة على شفة المحب حين اللقاء بعد الفراق. بيروت أيتها الصبية للأبد، ستشبين ناهضة كلما صعد الرصاص واطفأ الدم قناديلك في احتمال الغياب. بيروت يا عسل لبنان المصفى من شموخ الأرز وهندسة الضحى وهو يمسح صفحة البحر بماء الأقحوان. بيروت يا أبد المراسي وحلمنا. ليت لي يد تمتد كالمرساة لأمسح أحزانك وارتخي بين أحضانك مثل الفراشة وهي تمتص الرحيق. يا ليتني أستكين في رحابك بهدوء المطمئن حتى نهايات الطريق! يا ليتني أعلو في سمائك وأطفئ بالحب اشتعال الحريق. لو أن لي زوّادة كالنبع كنت اصطفيتك واستكنت إلى ذراعك مثلما يأوي الرضيع! بيروت سيظل حلمي بك ينوس كالأجراس في بهو الضياء! بيروت أيتها الناهضة من الحرائق والرماد وغفلة الحراس. حبي لك وأمنياتي كالأمطار في زخ الهطول!