عدد اليوم
إيرين بلايكمور*
قد يكون كوكب المريخ أحد أقرب جيراننا، ولكن على المعجبين به هنا على كوكب الأرض الاكتفاء بعلاقة عن بُعد في الوقت الراهن.
بيد أن هذا لم يمنع البشر من تنمية شعور بالحب إزاء هذا الكوكب على مدى قرون.
وفي هذا السياق، تكتب عالمة الكواكب «سارة ستيوارت جونسون»: «إن المريخ هو مرآتنا وانعكاس معبّر لما هو عميق في قلوبنا»، مضيفة «ونتيجة لذلك، لدى المريخ تاريخ إنساني محفور على سطحه، على الرغم من أنه لم يسبق لأي بشر أن لمسه».
في كتاب «صفارات إنذار المريخ.. البحث عن الحياة في عالم آخر»، تحكي جونسون قصة علاقة الحب عن بُعد التي لدى البشر مع المريخ. والكتاب، الذي يُعد جزئياً مذكرات، وجزئياً تاريخاً علمياً، يتقفى تاريخ علم المريخ وآماله.
فعلى مدى السنوات، انتقل المريخ من جسم ضبابي في سماء الليل إلى كوكب يستطيع البشر دراسة سطحه بشكل متعمق بفضل المسابير الأربعة التي عبرت سطحه حتى الآن.
وعلى الرغم من أنه كان محل ملاحظة ومراقبة منذ قرون، إلا أن تلك القصة لم تبدأ في التشكل حقاً إلا في 1610، عندما أصبح «غاليليو غاليلي» أول من نظر إليه من خلال جهاز تلسكوب.
وبعد تسعة وأربعين عاماً، رسم عالم الفيزياء الهولندي «كريستيان هيغنز» أول خارطة له، محدداً خاصية عرفت أول مرة باسم «بحر الساعة الرملية». واليوم، تسمى «سيرتس ميجور»، ويعتقد العلماء أنها بركان منخفض مصنوع من حجر البازلت البركاني. ومنذ ذلك الحين، ملأ العلماء تدريجياً الفراغات في معرفتهم بالكوكب الأحمر. وهكذا، بتنا نعلم اليوم أن سطحه البرتقالي المائل إلى الحمرة يعزى إلى أوكسيد الحديد. كما نعلم أنه بارد لدرجة غير مرحبة بالبشر، إذ يبلغ متوسط حرارته 62 درجة تحت الصفر. وهواؤه الرقيق عرضة لعواصف ترابية خانقة.
إن تعلم المزيد حول تلك الاختلافات لطالما غذّى العلاقة الرومانسية. ولا شك أن اكتشاف الكوكب سيستمر طويلاً حتى بعد أن تساعد المهمات المخطط لها إلى المريخ البشر على الوصول إلى هناك بشكل فعلي. وتكتب جونسون: «لقد أنشأنا فرعاً علمياً قائماً بذاته حول شيء بالكاد نستطيع رؤيته في الليل». قصة الحب مستمرة. ومثلما يثبت كتابها القيم، فإن الأمر يتعلق بحبّ محبط ومجزٍ للغاية في آن معاً.
...........................................
*كاتبة أميركية متخصصة في الشؤون التقنية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
